فازت دولة الإمارات بعضوية المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب خلال اجتماع المكتب الذي عُقد في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، في تأكيد جديد على مكانة الدولة الريادية في تطوير العمل الإعلامي العربي، ودورها الفاعل في صياغة السياسات والمبادرات الإعلامية العربية المشتركة.
جاء ذلك خلال مشاركة وفد دولة الإمارات برئاسة عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، في الدورة الـ55 لمجلس وزراء الإعلام العرب التي عقدت في مقر الامانة العامة بالقاهرة، بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وأكد عبدالله آل حامد أن هذا الاختيار يجسد الثقة التي تحظى بها دولة الإمارات في الساحة الإعلامية العربية، ويعبر عن تقدير الدول الأعضاء لجهودها في تعزيز العمل العربي المشترك، إلى جانب دورها في تطوير الأطر التشريعية الداعمة لإعلام مسؤول ومبتكر قادر على مواكبة التطورات واستشراف المستقبل.
وأشار إلى أن دولة الإمارات ستواصل توظيف خبراتها المتقدمة في خدمة العمل الإعلامي العربي، من خلال دعم المبادرات الهادفة إلى الارتقاء بالمحتوى، وتمكين الكفاءات، والاستفادة من وتيرة التحول الرقمي المتسارعة، بما يسهم في بناء إعلام عربي أكثر تأثيراً وقدرة على مواكبة متطلبات الغد.
وألقى عبدالله آل حامد كلمة دولة الإمارات خلال الاجتماع استهلها بنقل تحيات القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، وتقديرها العميق لوزراء الإعلام العرب لما يقومون به من جهود بناءة في خدمة الرسالة الإعلامية، وتعزيز حضورها كأداة فاعلة في نشر الوعي، وترسيخ القيم، ومواكبة التحديات والمتغيرات في محيطنا العربي والعالمي.
وأكد أن مسؤولية الإعلام العربي اليوم تتجاوز حدود التغطية والرسالة التقليدية، لتصبح قوة فاعلة في التنمية والاستقرار، وحارساً للهوية، وجسراً يربط بين الواقع وتطلعات الشعوب، مشيراً إلى أنه من هنا تأتي أهمية ميثاق الشرف الإعلامي العربي الذي يمثل إطاراً أخلاقياً ومهنياً يُعيد جمع شتات الممارسة الإعلامية على قاعدة مشتركة من الصدق والإنصاف واحترام الكرامة الإنسانية، وليس مجرد وثيقة نظرية بل أداة لتعزيز المهنية والمسؤولية في العمل الإعلامي.
ولفت عبدالله آل حامد إلى أن هذا الميثاق في جوهره ليس قيداً بل حماية للمهنة وصوناً لحق الجمهور في الحصول على معلومة نقية لا يشوبها تضليل، موضحاً أن تعديلاته الأخيرة جاءت لتكمل هذا الهدف، وتؤكد أن الإعلام العربي يجب أن يكون عنصر استقرار ودعم للتماسك الاجتماعي، لا عاملاً للتشويش أو الانقسام بين الشعوب.
وشدد رئيس المكتب الوطني للإعلام على أن هناك حاجة لإعادة تعريف علاقتنا بالإعلام الرقمي من منطلق مهني وأخلاقي، مؤكداً أن هذا الفضاء أصبح الأكثر تأثيراً في تشكيل الوعي، ولا يعترف بالحدود الجغرافية.
ونوه عبدالله آل حامد بأن الإعلام الرقمي اليوم يفرض علينا تطوير رؤية عربية موحدة تُوازن بين حرية التعبير ومسؤولية المحتوى، وتحمي الجمهور من التدفق الهائل للإشاعات والتزييف، وتعيد للإعلام العربي حضوره التنافسي عبر منصات قادرة على إنتاج المعرفة.
وأوضح عبدالله آل حامد أن هناك ضرورة لاستثمار وجود اللجنة العربية للإعلام الإلكتروني كمنظومة خبرة مشتركة تُبنى عليها سياسات وتطويرات مشتركة، بحيث تستشرف المخاطر المستقبلية للفضاء الرقمي بدلاً من الاكتفاء بردود الفعل، مؤكداً أهمية تعزيز التعاون العربي لمواجهة تحديات الإعلام الرقمي وتحقيق تأثير إيجابي مستدام في المجتمع العربي.
وتطرق خلال كلمته إلى دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب، مشيراً إلى أن مواجهة الإرهاب تبقى في صميمها معركة الوعي قبل أن تكون معركة الميدان، لافتاً إلى أن التنظيمات المتطرفة أدركت منذ البداية أن السيطرة على العقول أكثر فاعلية من ساحات القتال، فاستباحت منصات التواصل وزرعت خطاب العنف بطرق ناعمة وخبيثة.
وأكد عبدالله آل حامد أن على الإعلام العربي يقع دور حاسم في تفكيك الدعاية الإرهابية، وكشف تهافت خطابها، وإبراز القيم الإنسانية والدينية التي تكرم الحياة وترفض الغلو والتطرف.
وشدد على أن هذه المسؤولية تتطلب توحيد الرسائل الإعلامية وتعزيز التعاون بين المؤسسات، واستثمار أحدث الأدوات التقنية للكشف المبكر عن الحملات المتطرفة وحرمانها من البيئة التي تنمو فيها، مؤكداً أن كل كلمة تؤثر في مواجهة التطرف، وكل تأخير مكلف، وكل صمت يترك مجالاً لقوى الظلام لتملأ الفراغ.
وأوضح عبدالله آل حامد أن أي مسار إصلاحي أو نهضوي لا يمكن أن يُبنى دون تطوير قدرات الكوادر الإعلامية العربية، مؤكداً أن الجودة ليست مجرد شعار، بل منظومة عمل تبدأ من التدريب الجاد، مروراً بتطوير أدوات الإنتاج، وصولاً إلى بيئة تُكافئ الإبداع وتحاسب على التقصير.
وأضاف أن الإعلام العربي اليوم مطالب بأن يكون باحثاً ومحللاً ومحققاً وصانع محتوى في الوقت ذاته، مشدداً على أن تحقيق هذه المعادلة يستلزم إنشاء برامج عربية مشتركة للتمكين المهني، وتمتين الشراكات بين المؤسسات، وإرساء معايير واضحة للتميز تقيس الكفاءة لا العناوين فقط.
كما تطرق عبدالله آل حامد خلال كلمته إلى ضرورة توظيف التقنيات المتقدمة في الإعلام العربي ومدى تأثير ذلك على العنصر البشري، حيث لفت معاليه إلى أن التحول الأعمق الذي يفرضه الذكاء الاصطناعي على المشهد الإعلامي ليس تهديداً للعنصر البشري بقدر ما هو اختبار لقدرة المؤسسات على التكيف، منوهاً بأن الآلة لا تملك ضميراً لكنها تُحسن الأداء، بينما الإنسان يظل صاحب الرؤية والمعنى.
وأضاف أن المطلوب ليس الخشية من التكنولوجيا، بل توظيفها بحكمة من خلال وضع ضوابط تحمي الخصوصية، وتضمن الشفافية، وتمنع الاستخدامات المسيئة التي قد تُحول الإعلام إلى فوضى منسقة بخوارزميات بلا وجدان.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
