تطبيق ناجح للذكاء الاصطناعي في القطاعات الاقتصادية والخدمية بالإمارات
تقيس حكومة الإمارات نجاح استراتيجياتها المختلفة بمدى استفادة المتعاملين منها على أرض الواقع، وفي ممارساتهم الحياتية اليومية. وتتبنى الدولة بكل مؤسساتها نهجاً واضحاً يهدف إلى إسعاد الناس وتسخير الإمكانات لراحتهم وتسهيل معيشتهم، بما يليق بسمعة الإمارات وموروثها الإنساني والثقافي.
ومنذ بدأت الإمارات تطبيق الذكاء الاصطناعي (AI) في القطاعات الاقتصادية المختلفة، يلمس الجميع آثاره الإيجابية المتمثلة في زيادة الإنتاج وسرعة إنجاز المعاملات، وكفاءة وجودة الخدمات المقدمة لهم على مدار الساعة. ومن أهم القطاعات التي تشهد طفرة حالياً بفضل استخدام الذكاء الاصطناعي:
قطاع النقل
يعد قطاع النقل في الإمارات من أكبر القطاعات التي استفادت من تطبيق الذكاء الاصطناعي، مثل التاكسي والحافلات ذاتية القيادة، فضلاً عن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل حركة المرور من الكاميرات وأجهزة الاستشعار، لتحسين تدفق حركة المرور وتقليل الازدحام، إلى جانب أنظمة المرور الذكية، وربط الإشارات الضوئية بالذكاء الاصطناعي لتعديل توقيتاتها، بناء على كثافة المرور في الوقت الفعلي، وأيضاً تحسين السلامة بالكشف عن السلوكيات الخطرة، مثل السرعة الزائدة أو التوقف المفاجئ، وإرسال تنبيهات للسائقين والتنبؤ بالحوادث عن طريق تحليل البيانات التاريخية، وتقليل البصمة الكربونية عن طريق تخطيط مسارات ذكية، ما يقلل استهلاك الوقود وزمن التنقل.
وعلى مستوى الأفراد، تستخدم الشركات مثل «كريم» و«أوبر» تقنيات الذكاء الاصطناعي لتخصيص تجربة النقل، مثل اختيار السائق الأنسب أو تحسين توقيتات الوصول، إلى جانب التنبؤ بالطلب على خدمات النقل في أوقات معينة، ما يسهم في تحسين تخصيص الموارد.
الطائرات بدون طيار
ومن التجارب الناجحة أيضاً في الإمارات لتطبيق الذكاء الاصطناعي، الطائرات بدون طيار التي تستخدم في توصيل الطرود والبضائع الصغيرة، ما يقلل الزمن اللازم للتوصيل والتكاليف التشغيلية.
كما أن إدارة المطارات تتم أيضاً في الإمارات باستخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة التشغيلية، من خلال تحليل البيانات الضخمة، ومراقبة حركة الطائرات.
البنوك والقطاع المالي
يلعب الذكاء الاصطناعي (AI) دوراً متزايد الأهمية في تطوير القطاع المالي والمصرفي، حيث يسهم في تحسين الكفاءة وتعزيز الأمان، وتقديم خدمات مبتكرة للعملاء. وتتضمن أبرز التطبيقات البارزة للذكاء الاصطناعي في هذا المجال:
• الكشف عن الاحتيال: تستخدم البنوك خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل الأنماط السلوكية للمعاملات المالية، ما يساعد في الكشف المبكر عن الأنشطة الاحتيالية، واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة.
• إدارة المخاطر: تُسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تقييم المخاطر المالية، من خلال تحليل البيانات الضخمة والتنبؤ بالتحديات المحتملة، ما يدعم اتخاذ قرارات استثمارية أكثر دقة.
• المساعدات الافتراضية وروبوتات الدردشة: تقدّم المؤسسات المالية خدمات دعم على مدار الساعة عبر روبوتات محادثة مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ما يتيح للعملاء الحصول على إجابات فورية لاستفساراتهم، وتنفيذ المعاملات بسهولة.
• التخصيص: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل سلوك العملاء وتفضيلاتهم، لتقديم عروض وخدمات مالية مخصصة تلبي احتياجاتهم الفردية.
الأتمتة وتحسين العمليات
تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في «أتمتة» المهام المتكررة، مثل معالجة الطلبات والموافقات، ما يقلل الأخطاء البشرية ويزيد الكفاءة التشغيلية، كما يمكن للذكاء الاصطناعي معالجة كميات ضخمة من البيانات بسرعة، ما يساعد في استخراج رؤى قيمة تدعم التخطيط الاستراتيجي واتخاذ القرارات المستنيرة.
كما تسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الشمول المالي والوصول إلى الفئات المحرومة، حيث تسهم في تقديم خدمات مالية للفئات التي كانت مستبعدة سابقاً من النظام المصرفي التقليدي، من خلال حلول مبتكرة، مثل التمويل الرقمي والتقييم الائتماني البديل.
التداول وإدارة الأصول
تُستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تنفيذ صفقات التداول بسرعة ودقة، مستفيدة من تحليل البيانات اللحظي والتنبؤ باتجاهات السوق. كما تُسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تخصيص الأصول وإدارة المحافظ الاستثمارية بفاعلية، من خلال تحليل الأداء والتنبؤ بالعوائد المحتملة.
الامتثال والتنظيم
تساعد أنظمة الذكاء الاصطناعي في مراقبة العمليات والتأكد من الامتثال للمعايير واللوائح التنظيمية، ما يقلل المخاطر القانونية والمالية. وتشير الدراسات إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المؤسسات المالية تسهم في تعزيز الشمول المالي الرقمي، حيث تساعد في توفير خدمات مالية ميسرة وفعّالة للفئات المستبعدة من الأنظمة المالية التقليدية. وإضافة إلى ذلك، يُسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة العمليات المصرفية وزيادة الكفاءة والدقة في اتخاذ القرارات، من خلال الأتمتة وتحليل البيانات. ومع استمرار التطور التكنولوجي، يُتوقع أن تتوسع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي والمصرفي، ما سيؤدي إلى تقديم خدمات أكثر ابتكاراً وكفاءة للعملاء.
الطاقة
تلعب دولة الإمارات دوراً ريادياً في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) ضمن قطاع الطاقة، بهدف تعزيز الكفاءة والاستدامة والسلامة، إضافة إلى زيادة الإنتاجية ومعالجة التحديات الة بهذا القطاع الحيوي. ومن أهم التطبيقات البارزة للذكاء الاصطناعي في مجال الطاقة في الإمارات:
• إدارة الطاقة: تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحليل استهلاك الطاقة وتحسينه، ما يسهم في تحقيق الاستدامة وتقليل الهدر. كما تُستخدم في الصيانة التنبئية للبنية التحتية، ما يقلل فترات التعطل ويحسّن الكفاءة التشغيلية.
• إدارة وتحليل البيانات الضخمة: تُسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في معالجة وتحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة وكفاءة، ما يساعد في التنبؤ بالفترات المثلى لتوافر مصادر الطاقة المتجددة، وإدارة المعدات بفاعلية أكبر، وتقليل التكاليف التشغيلية.
• الصيانة التنبئية: تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في مراقبة أداء المعدات والبنية التحتية في قطاع الطاقة، والتنبؤ بالأعطال المحتملة قبل وقوعها، ما يقلل فترات التوقف غير المخطط لها ويحسن كفاءة العمليات.
• تعزيز السلامة في بيئة العمل: تُسهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في توفير بيئة عمل أكثر أماناً من خلال تطوير المرافق والتجهيزات، وتحسين عمليات تخزين النفايات، والتخلص منها بطرق آمنة وفعّالة.
تطوير حلول مبتكرة
أطلقت شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، بالتعاون مع شركتي «جي 42» و«مايكروسوفت» حل «ذكاء اصطناعي لطاقة المستقبل (ENERGYai)» يهدف إلى تعزيز الكفاءة والإنتاجية في قطاع الطاقة، من خلال تحليل البيانات وتقديم رؤى في الوقت الفعلي.
التعاون الدولي والشراكات
تعمل الإمارات على توقيع شراكات عالمية وتبني أحدث التقنيات لتطوير قطاع الطاقة، كما أكدت خلال قمة مجموعة السبع في إيطاليا، بشأن الذكاء الاصطناعي والطاقة، ما يضعها في صدارة الدول التي تستخدم تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة في هذا المجال.
الفعاليات المتخصصة
خلال معرض ومؤتمر أبوظبي الدولي للبترول (أديبك 2024)، تم استعراض تقنيات الجيل القادم من حلول الذكاء الاصطناعي التي تسهم في تشكيل مستقبل قطاع الطاقة، بما في ذلك استخدام تقنية «الهولوغرام» في التدريب المهني، ونماذج محاكاة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتأهيل العاملين.
ومن خلال هذه المبادرات والتطبيقات، تؤكد الإمارات التزامها بتوظيف الذكاء الاصطناعي لتعزيز كفاءة واستدامة قطاع الطاقة، بما يتماشى مع استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي ورؤيتها المستقبلية.
توظيف أنظمة الذكاء الاصطناعي في القطاعات الخدمية
تظهر فوائد تطبيق الذكاء الاصطناعي على مستوى القطاعات الخدمية، مثل قطاع الصحة في التشخيص والعلاج، حيث تُستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي في تعزيز دقة وكفاءة التشخيص الطبي، ما يمكّن المهنيين الصحيين من اتخاذ قرارات أكثر معرفة. كما تُستخدم تقنيات الروبوتات في العمليات الجراحية وعمليات التأهيل، ما يؤدي إلى تحسين نتائج المرضى.
وعلى مستوى قطاع التعليم، تستفيد المؤسسات التعليمية من الذكاء الاصطناعي لتقديم تجارب تعليمية شخصية وتفاعلية، حيث تتكيف منصات التعلم مع احتياجات الطلاب الفردية، ما يعزز فاعلية التعليم.
وفي قطاع السياحة والضيافة، تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة الزوار، من خلال تقديم توصيات مخصصة وخدمات متقدمة، ما يعزز رضا العملاء ويزيد كفاءة العمليات.
وفي قطاع الأمن السيبراني وحماية البيانات، تُستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني، من خلال الكشف المبكر عن التهديدات والتصدي لها، ما يحمي البنية التحتية الرقمية والمعلومات الحساسة.
وتسعى الإمارات من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في هذه القطاعات إلى تعزيز مكانتها مركزاً عالمياً للابتكار والتكنولوجيا، وتحقيق رؤيتها المستقبلية في التنمية المستدامة، والارتقاء بجودة الحياة.