أطلقت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة “استراتيجية الهوية الوطنية”، التي تم تطويرها بالشراكة بين وزارة الثقافة ومكتب المشاريع الوطنية في ديوان الرئاسة، وذلك خلال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات 2025، التي تعقد في العاصمة أبوظبي بحضور أكثر من 500 من القيادات الحكومية على المستوى الوطني.
وخلال الجلسة الخاصة بعنوان “إرث وأمانة”، أعلن الشيخ سالم بن خالد القاسمي وزير الثقافة عن استراتيجية الهوية الوطنية، وسلط الضوء على رؤيتها وأهم أهدافها إيذانًا ببدء مرحلة جديدة من العمل الوطني المشترك لترسيخ الهوية الإماراتية في مختلف القطاعات.
وشهدت الفعالية تنظيم معرض تفاعلي “هويتنا الوطنية: إرث وأمانة”، الذي يقدم تجربة حية لتجسيد مفهوم الهوية الوطنية، بما يساهم في تعزيز الوعي بمكوّنات الهوية وقيمها، وتشجيع تبنّيها في العمل الحكومي والمجتمعي.
حضر الجلسة سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة لشؤون المشاريع الوطنية، وسمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس هيئة الثقافة والفنون بدبي، وسمو الشيخ محمد بن راشد بن محمد بن راشد آل مكتوم.
وتتمحور رؤية الإستراتيجية حول تعزيز هوية إماراتية راسخة يتبنّاها المجتمع سبيلًا لتحقيق الاستقرار والازدهار، وبما يعكس رؤية القيادة في جعل الهوية الإماراتية محورًا رئيسيًا في مختلف القطاعات، وترسيخ حضورها في السلوكيات والممارسات اليومية للمجتمع.
وتستهدف الاستراتيجية تعزيز الانتماء والاعتزاز بالهوية الوطنية الإماراتية، وترسيخ التلاحم والاستقرار الأسري والمجتمعي، وتعزيز حضور الهوية الوطنية الإماراتية في مجالات التعاون والتواجد الدولي.
ومن خلال رؤية وطنية شاملة تحتضن المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات، تغرس مبادئ التلاحم والتناغم، بما يعزز روح التكامل ضمن مجتمع واحد يتشارك القيم والانتماء لهذه الأرض.
تستند الاستراتيجية إلى ثلاثة محاور رئيسية تشكّل مرتكزات منظومة الهوية الوطنية، وهي تعريف الهوية وتحديد مكوناتها من الركائز والقيم، ووضع الإطار الاستراتيجي الوطني لتعزيز حضور الهوية في القطاعات كافة، وتطوير نموذج الحوكمة ومؤشر الهوية الوطنية لضمان تكامل الجهود واستدامة الأثر.
تم تطوير الاستراتيجية بالتنسيق مع أكثر من 40 جهة اتحادية ومحلية من مختلف القطاعات، ومن خلال العديد من ورش العمل وجلسات العصف الذهني التي ساهمت في الوصول لتعريف موحّد للهوية الإماراتية، وهي مجموعة من الخصائص الفريدة التي تميز المجتمع الإماراتي، والتي تستمد أسسها من مكارم أخلاق ديننا الإسلامي.. وقيمنا السمحة.
وترتكز الهوية الوطنية الإماراتية على ست ركائز أساسية تعبّر عن عمق الانتماء وتنوّع الشخصية الإماراتية، وتتضمن: القيم ومكارم الأخلاق الإسلامية، واللغة العربية واللهجة الإماراتية، والاتحاد والوطن، والتراث والعادات والتقاليد، والتاريخ والجغرافيا والذاكرة المشتركة، والأسرة الإماراتية التي تُعد السند الأول في نقل القيم وتربية الأجيال على الانتماء والمسؤولية.
كما حددت الاستراتيجية خمس قيم محورية تعبّر عن جوهر الشخصية الإماراتية، هي: الاحترام والتواضع، الطموح والمثابرة، الانتماء والمسؤولية، التلاحم والتعايش، والعطاء والإنسانية في خدمة المجتمع ودعم الآخرين دون تمييز.
وتم تحديد 7 أبعاد تجسد وتنقل الهوية الوطنية إلى مختلف فئات المجتمع، وتعد بمثابة قنوات لإيصال أهداف الاستراتيجية، وهي اللغة والثقافة، والتعليم، والأسرة والمجتمع، والدين الوسطي والتعايش، والإعلام، والاقتصاد، والسياسةوالحكومة.
وتتضمن الاستراتيجية 13 مبادرة رئيسية تغطي مجالات اللغة والثقافة والتعليم والأسرة والمجتمع والإعلام والاقتصاد، ومن أبرزها: تنفيذ دمج عناصر الهوية في مناهج التعليم، والإطار الوطني والدليل الاسترشادي للأنشطة الثقافية اللاصفية، ومبادرة ترسيخ الهوية الوطنية في الأسرة الإماراتية، ومبادرة “نهج” لتحفيز وتبني البرامج المجتمعية للهوية الوطنية، ومجلس شباب الثقافة والهوية الوطنية، ومبادرة “نحن عيال زايد”، وقانون التراث الثقافي، وترميز المحتوى الثقافي، والسجل الوطني للتراث الثقافي، ومختبر رمسة لترميز اللهجة الإماراتية، وسياسة المحتوى الإعلامي وقواعد السلوك لصانعي المحتوى، والبرنامج الوطني للسياحة الإماراتية، والإطار الوطني لدمج الهوية الوطنية في الضيافة الإماراتية.
كما تم تطوير مؤشر يقيس مستوى التبنّي والاعتزاز بالهوية الوطنية، مبني على ركائزها الست من خلال قياس الشعور والمعرفة والسلوك، وبما يضمن تناغم الجهود واستدامة الأثر.
وفي إطار تنفيذ الاستراتيجية، سيتم تأسيس لجنة الهوية الوطنية التي ستُعنى بحوكمة ملف الهوية الوطنية وتمكين الجهات ذات العلاقة وتنسيق جهودها ومواءمة خططها ضمن إطار وطني موحّد، بما يضمن تكامل الأدوار وتوحيد التوجهات المستقبلية في تعزيز الهوية الإماراتية على المستويين المؤسسي والمجتمعي.
وقالت سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة لشؤون المشاريع الوطنية: “الهوية الوطنية إرثٌ نعتزّ به، وأمانةٌ نحملها في قلوبنا، تجسّد روح الإنسان الإماراتي وانتماءه الأصيل لوطنه وقيمه، وهي ليست مشروعًا عابرًا، بل مسيرة حياة يعيشها في بيته ومدرسته ومجتمعه؛ تُعبّر عنها لغته ولهجته، وتظهر في سلوكه وقيمه الأصيلة التي تُشكّل قاعدة التماسك والوحدة في مجتمعنا”.
وأضافت سموها: “أطفالنا وشبابنا هم الامتداد الطبيعي لهويتنا، والأمل الذي نحمله في قلوبنا.. نهيّئ لهم بيئةً مُلهِمة تغرس فيهم حبَّ الوطن، وترسّخ اعتزازهم بثقافتهم، ليكبروا متمسّكين بجذورهم، واعين بقيمهم، قادرين على تمثيل وطنهم بهويته الأصيلة وسلوكه الإنساني الرفيع.. الهوية الوطنية الإماراتية منظومةٌ إنسانيةٌ شاملة تجمعنا جميعًا مواطنين ومقيمين تحت مظلة القيم المشتركة التي أرستها الدولة؛ قيم الاحترام والتعايش والانتماء إلى وطنٍ واحد.. هي نموذجٌ يجسّد التنوّع المتناغم، ويجعل من التعدد مصدرَ قوّةٍ وغِنى، ومن الانتماء المشترك قاعدةً لبناء مستقبلٍ أكثر تماسكًا وازدهارًا”.
من جانبه قال الشيخ سالم بن خالد القاسمي، وزير الثقافة: “تعكس استراتيجية الهوية الوطنية التزام دولة الإمارات برؤية قيادتها في بناء إنسانٍ واثقٍ بجذوره ومحافظٍ على أصالته.. وجاءت الاستراتيجية لتكون إطارًا وطنيًا جامعًا ينسّق الجهود بين مختلف الجهات، ويحوّل الهوية من مفهومٍ ثقافي إلى ممارسةٍ مجتمعيةٍ حيّة تترسّخ في الحياة اليومية”.
وأضاف أن الهوية الإماراتية ليست ماضياً نحافظ عليه فقط، بل مستقبلٌ نبنيه معًا، نغرسه في أجيالنا، ونُفعّله في مؤسساتنا، ليبقى وطننا نموذجًا للتعايش والاعتزاز والانتماء.
وتُمثل استراتيجية الهوية الوطنية نقلة نوعية في مسيرة دولة الإمارات، حيث تحول الهوية من تراث محفوظ إلى قوة دافعة للازدهار المستدام، بفضل ركائزها الست وقيمها الخمس، وبرامجها المتكاملة، وتتضمن الاستراتيجية تماسك المجتمع بأكمله مواطنين ومقيمين تحت مظلة الانتماء المشترك، فهي ليست مجرد خطة، بل عهد وطني يرسخ الإمارات كنموذج عالمي للوحدة والابتكار، ممهدًا لأجيال قادمة تحمل راية “عيال زايد” بفخر وثقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
