أكد مستأجرون في دبي ارتفاع الإيجارات السكنية بنِسَب تخطت 10% خلال موسم الصيف الجاري، على الرغم من أن هذه الفترة من العام تشهد عادة استقراراً، أو تراجعاً، في الإيجارات مع بعض العروض التحفيزية، متمثلة في زيادة عدد دفعات الأقساط السنوية، ومنْح أشهر مجاناً.
وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم» أن الزيادات الإيجارية في دبي لا تحدث بشكل عشوائي، بفضل أدوات مثل مؤشر الإيجار الذكي، الذي أصدرته دائرة الأراضي والأملاك في دبي، مستعرضين تجربتهم مع المؤشر ومساعدته في التفاوض مع المالك، والتراجع عن الزيادة في حالات.
بدورهم، أرجع عقاريون لـ«الإمارات اليوم» الارتفاع في أسعار إيجارات عقارات دبي إلى الطلب القوي على العقارات في الإمارة، الذي فاق العوامل الموسمية التي تؤثر في السوق خلال السنوات الماضية، لافتين إلى أن ذلك الطلب جاء مدعوماً بنمو سكاني، وتدفق عدد كبير من الوافدين والمقيمين الجدد، فضلاً عن زيادة الطلب من السياح والمستأجرين المؤقتين، التي تؤثر في توافر الوحدات طويلة الأجل.
وذكروا أن الارتفاعات الإيجارية راوحت بين 8 و17%.
آراء مستأجرين
وتفصيلاً، أكد المستأجر أحمد سعيد أن شركة إدارة البناية التي يقطن فيها بمنطقة البرشاء هايتس «تيكوم» طالبته بزيادة سنوية في الإيجار تتجاوز نسبة 10% عند تجديد العقد، من دون أن يتم إخطاره بذلك في الوقت القانوني المُحدد، وأوضح أنه بالرجوع إلى مؤشر الإيجار الذكي، وتقييم متوسط الارتفاع في الإيجارات ضمن المنطقة، تبيّن أن النسبة المطلوبة أعلى مما حدده المؤشر.
وتابع: «أبلغت الشركة بأن نسبة الزيادة المحددة وفق المؤشر الذكي، الذي أصدرته دائرة الأراضي والأملاك في دبي، أقل من المبلغ المطلوب، كما أن القانون يُلزم المالك بإشعار المستأجر قبل 90 يوماً من أي تعديل في العقد، وبالفعل تراجعت الشركة عن طلب الزيادة السنوية، وتم الأخذ بما ورد في مؤشر الإيجار الذكي».
من جهتها، قالت المستأجرة أميرة رشاد: «هناك زيادات سنوية في الإيجارات تجاوز 10%، لكنها لا تحدث بشكل عشوائي، فقد أصبح هناك نوع من الشفافية بفضل أدوات مثل مؤشر الإيجار الذكي الذي ساعدني على التفاوض مع المالك، بناءً على بيانات واضحة».
وأشارت رشاد إلى أن وجود خيارات سكنية متنوعة في مناطق جديدة، يجعل من الممكن استئجار شقق بأسعار مناسبة للميزانية، لاسيما مع توافر وسائل مواصلات عامة منتظمة وسهلة الوصول.
في السياق ذاته، قال المستأجر محمد مصلحي إن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعاً في القيم الإيجارية بشكل ملحوظ، في حين تبقى الرواتب ثابتة إلى حد كبير، ما يزيد من التكاليف المعيشية على عدد من الأسر ذات الدخل المتوسط.
وأضاف: «على الرغم من أن الزيادات المتكررة في الإيجارات تشكل تحدياً، فإن وجود تنظيمات مثل مؤشر الإيجار الذكي، والتوعية بالقوانين، يساعدان في التخفيف من هذا العبء».
أما المستأجر معتز تامر فقال: «ارتفعت أسعار الإيجارات بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة بنسبة تتخطى أحياناً 10% في معظم مناطق دبي، في وقت تشهد فترة الصيف عادة استقراراً أو تراجعاً في الإيجارات، مع بعض العروض التحفيزية متمثلة في زيادة عدد الدفعات للأقساط السنوية، ومنح أشهر مجانية نظراً لتزامنها مع موسم الإجازات، إلا أن تلك العروض غابت بسبب الإقبال الكبير على الإيجارات السكنية».
طلب قوي
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لـ«شركة هاربور العقارية»، مهند الوادية، إن «أسعار الإيجارات للوحدات السكنية تشهد خلال فصل الصيف ارتفاعاً يراوح بين 13 و15% مقارنة بفصلَي الربيع والخريف، كما سجلت زيادة بنسبة تراوح بين 15 و17% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما يُشير إلى أن الطلب القوي على العقارات في الإمارة فاق العوامل الموسمية التي أثرت في السوق خلال السنوات الماضية».
وأشار الوادية إلى أن هذه المؤشرات تعكس النشاط القوي والطلب غير المسبوق في سوق عقارات دبي، ليس في قطاع المبيعات فحسب، بل في قطاع الإيجارات أيضاً، لافتاً إلى وجود علاقة طردية بين ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات السنوية، حيث ارتفعت قيم مبيعات العقارات بنسبة 47% خلال النصف الأول من العام الجاري، ما يدفع الملاك إلى رفع القيم الإيجارية لتحقيق عائدات مجزية على رأس المال المستثمر.
وتابع الوادية: «من بين العوامل التي تؤثر في زيادة القيم الإيجارية ارتفاع أعداد السكان، وهو جزء من خطة دبي الحضرية 2040 التي تستهدف وصول عدد السكان إلى 5.8 ملايين نسمة، في حين يبلغ العدد الحالي نحو أربعة ملايين نسمة، بزيادة تقدر بنحو 700 ألف نسمة (منذ إطلاق الخطة في 2021)، يمتلكون قوة شرائية عالية».
وأضاف أن الإقبال الكبير من المستثمرين على شراء العقارات في دبي يعزز مكانة الإمارة وجهة عالمية جاذبة، ما يحفز نمو قطاع الإيجارات، خصوصاً مع «محدودية العرض» في العقارات الجاهزة، متوقعاً أن يستمر النمو بوتيرة معتدلة خلال النصف الثاني من عام 2025، بنسبة تراوح بين 7 و12% بحسب المنطقة ونوع العقار، مع زيادة في تسليم الوحدات السكنية الجديدة.
توازن
من جهته، أكد الرئيس التنفيذي لـ«مجموعة الأندلس العقارية»، صالح طباخ، أن ارتفاع الإيجارات في دبي جاء نتيجة التزايد الكبير في عدد السكان، وانتقال آلاف العائلات الوافدة حديثاً إلى الإمارة، حيث يُفضّل أكثر من 77% من الأجانب استئجار العقارات خلال السنوات الأولى من إقامتهم، خصوصاً العائلات التي تبحث عن المرونة قبل اتخاذ قرار الشراء.
وأضاف: «أسهم هذا التوجه في زيادة ملحوظة في الطلب على العقارات، إضافة إلى أن زيادة الطلب من السياح والمستأجرين المؤقتين تؤثر في توافر الوحدات طويلة الأجل، ما يدعم ارتفاع أسعار إيجارات الوحدات السكنية بمختلف فئاتها»، مؤكداً أن «نمو أسعار الإيجارات ليس ظرفياً، بل يعكس طلباً حقيقياً ومستداماً».
وتوقع طباخ استمرار نمو أسعار إيجارات الوحدات السكنية بوتيرة معتدلة حتى نهاية عام 2025، على أن يتبع ذلك استقرار نسبي مدعوم بدخول آلاف الوحدات السكنية الجديدة خلال الفترة المقبلة، ما يُسهم في تحقيق توازن بين العرض والطلب.
معدلات الإشغال
بدورها، قالت الخبيرة العقارية والمديرة التنفيذية لـ «ريل القبيسي للعقارات» مريم القبيسي: «شهدت سوق الإيجارات في دبي خلال النصف الأول من عام 2025 ارتفاعاً ملحوظاً في متوسط الإيجارات السنوية راوح بين 8 و12%، ومتوسط الإيجارات قصيرة المدى (بيوت العطلات) بما يراوح بين 10 و15% مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2024».
وأضافت القبيسي أن هذا الارتفاع يعكس استمرارية الطلب القوي على العقارات السكنية بمختلف أنواعها، خصوصاً في المناطق الحيوية وشبه المكتملة بالبنية التحتية والخدمات، موضحة أن ما يميز السوق في 2025 هو ارتفاع معدلات الإشغال بشكل ملحوظ، حيث تجاوزت في بعض المناطق نسب 90% مثل المواقع على واجهات بحرية والمناطق وسط مدينة دبي السكنية والتجارية، ما يعكس حيوية السوق، وتنوع شرائح المستأجرين من مقيمين جدد إلى مستثمرين يبحثون عن استقرار طويل الأجل.
وأكدت القبيسي أن استمرار دبي في تقديم جودة حياة عالية، مع بنية تحتية متطورة، وخيارات سكنية متنوعة، جعلها واحدة من أكثر المدن جاذبية للسكن والاستثمار العقاري في المنطقة والعالم، مشيرة إلى أنه مع التنظيم الدقيق للسوق من قبل الجهات الحكومية، وإطلاق مؤشر الإيجار الذكي، والذي يعد أداة فعّالة للتحكم في ارتفاع الإيجارات، فقد أصبح الاستثمار بغرض التأجير خياراً آمناً وذكياً لكل من يسعى لتحقيق دخل مستدام من أصول عقارية قوية.
مستأجرون:
. الزيادات الإيجارية لا تحدث بشكل عشوائي.. و«المؤشر الذكي» ساعدنا في التفاوض مع المُلاك.