أكد مسؤولون حكوميون وخبراء في قطاع التكنولوجيا المالية، أن دبي تواصل ترسيخ مكانتها عاصمة عالمية للاقتصاد الرقمي، بفضل بيئة تنظيمية مرنة وتشريعات مبتكرة وبنية تحتية متطورة.

وأوضحوا لـ«الإمارات اليوم»، أن الإمارة قطعت شوطاً واسعاً في اعتماد حلول الدفع الذكية والعملات الرقمية في المعاملات اليومية، سواء على مستوى الدوائر الحكومية أو القطاع الخاص.

وأشاروا إلى أن نسبة المعاملات الحكومية المنجزة عبر القنوات الرقمية بلغت 97% في عام 2024، مع استهداف رفع النسبة إلى 90% من إجمالي المعاملات في القطاعين العام والخاص بحلول 2026.

ولفتوا إلى أن تأسيس سلطة تنظيم الأصول الافتراضية في دبي شكّل محطة فارقة مكنت الشركات من العمل وفق أطر واضحة عززت الثقة والشفافية، وأسهمت في استقطاب كبرى الشركات العالمية في هذا المجال.

وأكدوا أن دخول قطاعات استراتيجية، مثل العقار والطيران، إلى دائرة الدفع الرقمي يعكس تحولاً نوعياً يضع دبي في موقع الريادة العالمية، ويؤسس لعصر جديد من المعاملات غير النقدية.

وتفصيلاً، أكدت مديرة إدارة تنظيم أنظمة الدفع الرقمية في «مالية دبي»، آمنة محمد لوتاه، أن «الدائرة حققت تقدماً ملموساً في رقمنة المعاملات الحكومية، إذ أسهمت حملات التوعية التي قادتها منذ سنوات في رفع نسبة المعاملات الحكومية المسددة عبر القنوات الرقمية، حتى وصلت في عام 2024 إلى 97%».

وأشارت إلى إبرام اتفاقيات شراكة مع جهات حكومية وخاصة، لتعزيز البنية التحتية للمدفوعات، وتوسيع نطاق قبول البطاقات والمحافظ الرقمية محلياً ودولياً، وإطلاق مبادرات موجهة لفئات محددة، مثل العمال والسياح والشركات الصغيرة والمتوسطة، بهدف زيادة الشمول الرقمي.

وأفادت لوتاه بأن «مالية دبي» تستهدف، خلال عام 2026، الوصول بنسبة المعاملات المالية المنفذة عبر الطرق والقنوات الرقمية في القطاعين العام والخاص إلى 90% من إجمالي المعاملات، ليصبح استخدام النقد في إجراء المعاملات المالية في أدنى مستوياته، بما يمهد لعصر جديد من المدفوعات الرقمية.

وأوضحت مديرة إدارة تنظيم أنظمة الدفع الرقمية في «مالية دبي»، أن «استراتيجية دبي اللانقدية» تضع إطاراً موحّداً وسياسات واضحة لتبني حلول الدفع الرقمي، ضمن محاور تشمل الحوكمة، والابتكار، والمجتمع، إلى جانب تقديم الحوافز والتسهيلات التقنية للمؤسسات والشركات والمتعاملين، ما يقلل الحاجة إلى حلول نقدية منفصلة، ويعجّل تطبيق المعايير المشتركة والحلول الشاملة.

وأضافت أن حلول الدفع الرقمية أثرت تأثيراً إيجابياً وقابلاً للقياس في تجربة المتعاملين، عبر تبسيط الإجراءات، وتقليل زمن إنجاز المعاملات، والحد من الصعوبات الة باستخدام النقد، مثل بطء تنفيذ العمليات، فجاءت النتيجة متمثلة في تجربة أكثر سلاسة وسرعة وشفافية في استلام الخدمات الحكومية، مع تراجع ملحوظ في الشكاوى المتعلقة بالمعاملات النقدية.

وقالت لوتاه: «نرى أن رؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتوجيهات سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس المجلس التنفيذي، الذي أطلق استراتيجية دبي اللانقدية في أكتوبر من العام الماضي، مهّدت الطريق لإحداث تكامل بين عوامل مهمة عدة».

وتابعت أن هذه العوامل تشمل الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية الرقمية، ووجود منظومة شراكة حيوية بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب البرامج التوعوية الموجهة لفئات متعددة في المجتمع.

وأكدت أن البنية التحتية القائمة في دبي حالياً تُعد متطورة، حيث تدعم وجود منصات مركزية للدفع، وواجهات برمجة تطبيقات قياسية تربط الجهات الحكومية ببعضها بعضاً وبمقدمي الخدمة، إلى جانب نظم تحصيل رقمي متكاملة تقبل البطاقات والمحافظ الرقمية المحلية والعالمية، مدعومة ببروتوكولات أمنية متقدمة لضمان سرية المعاملات وسلامتها.

وشدّدت على أن هذا التكامل يمكّن المتعاملين من إجراء معاملات دفع موحدة وآمنة عبر قنوات متعددة.


من جهته، أكد الرئيس التنفيذي للعمليات لشركة «كريبتو دوت كوم»، محمد الحكيم، أن «حكومة دبي تُعد من أوائل الحكومات التي تتيح الدفع بالعملات الرقمية في معاملاتها الرسمية»، لافتاً إلى أن التنفيذ دخل مراحله النهائية، ومن المقرر الإعلان عن الموعد التجاري النهائي بعد الانتهاء من الترتيبات التقنية.

وأضاف الحكيم أن الشراكة التي وقعتها شركته مع حكومة دبي في مايو الماضي، للدفع باستخدام عملات مستقرة مع تحويل فوري إلى الدرهم الإماراتي، تُعد نقلة نوعية عالمية في التحول الرقمي، منوهاً بأن العمل جارٍ حالياً على استكمال التكامل الفني.

وقال: «وسّعنا نطاق تعاوننا ليشمل قطاعات استراتيجية متعددة، تعزز من حضور العملات الرقمية في الحياة اليومية، بالشراكة مع شركة بترول الإمارات الوطنية، لتجربة المدفوعات الرقمية في محطات الوقود، وسوق دبي الحرة، أكبر سوق حرة في الدولة والعالم، ودائرة الأراضي والأملاك بدبي في مجال الترميز العقاري».

وتابع: «كما وقّعنا مع مجموعة طيران الإمارات التي من المقرر أن تبدأ اعتباراً من 2026 قبول العملات الرقمية كوسيلة دفع مباشرة لتذاكر السفر وخدماتها، ما يجعلها من أوائل شركات الطيران العالمية التي ستقدم هذا الخيار المتقدم للعملاء».

وأكد الحكيم أن دبي باتت من أكثر المدن جاهزية لاعتماد العملات الرقمية على مستوى العالم، منوهاً بأن دولة الإمارات، اليوم، تضم واحداً من أكبر حاملي محافظ البيتكوين عالمياً، وهو مؤشر قوي على حجم الثقة والاحتياطات الرقمية الموجودة.

وعن التوجه لتقديم حلول دفع بـ«الكريبتو» في قطاعات جديدة، كشف الحكيم، أن مدارس خاصة في دبي بدأت بقبول الرسوم بالعملات الرقمية، كما أن القطاع العقاري أصبح سبّاقاً من خلال الترميز العقاري، متوقعاً أنه مع توسع البنية التحتية الرقمية، سيشمل القبول قطاعات مثل الصحة والسفر والخدمات اليومية.

وأكد أن دخول قطاعات استراتيجية، مثل العقار والطيران، إلى دائرة الدفع الرقمي يعكس تحولاً نوعياً يضع دبي في موقع الريادة العالمية، ويؤسس لعصر جديد من المعاملات غير النقدية.

وعن انطباعات المستخدمين والمستثمرين في دبي حول استخدام «الكريبتو» كأداة دفع يومية، أكد الحكيم تحمسهم الكبير مع التركيز على الاستقرار والسرعة، كاشفاً عن إقبال متزايد على استخدام العملات المستقرة، لأنها تمنح الثقة بأن المعاملة آمنة وتُسوى بالدرهم مباشرة، سواء كانت للحكومة أو للقطاع الخاص.


من جانبه، أكد رئيس مجلس الإدارة ومؤسس شركة Bitcoineen، نواب البلوشي، أن «دبي تواصل ترسيخ مكانتها عاصمة عالمية للاقتصاد الرقمي، بفضل بيئة تنظيمية مرنة وتشريعات مبتكرة وبنية تحتية متطورة».

وأشار إلى أن الإمارة حققت منذ عام 2022 تطوّرات كبيرة على صعيد الأطر التنظيمية والتشغيلية، بقيادة سلطة تنظيم الأصول الافتراضية (VARA)، التي وسّعت في عام 2025 الإطار التنظيمي المعروف بـ«رولبوكس» ليشمل مجموعة أوسع من الأنشطة والممارسات في القطاع.

كما لفت إلى أن الإمارة قطعت شوطاً واسعاً في اعتماد حلول الدفع الذكية والعملات الرقمية في المعاملات اليومية، سواء على مستوى الدوائر الحكومية أو القطاع الخاص.

وأضاف البلوشي أن إدراج شركات كبرى مثل (Binance، وOKX) ضمن السجل العام للكيانات المرخصة في دبي، أسهم في رفع مستوى الشفافية في السوق بشكل غير مسبوق، وساعد على تشغيل منصات محلية مجهزة ببوابات دفع بالدرهم، ما عزّز ثقة المستثمرين سواء داخل الدولة أو خارجها.

ولفت إلى أن الزخم التنظيمي لا يقتصر على دبي فقط، بل يشمل دولة الإمارات بأكملها، حيث تدعم الهيئات التنظيمية هذا التوجّه من خلال تحديث مستمر للأنظمة، ففي عام 2024، قامت سلطة دبي للخدمات المالية (DFSA) بتحديث تنظيماتها المتعلقة بالتعامل مع «Crypto Tokens».

وأشار البلوشي إلى أن بيئة الأعمال في الدولة تشهد مؤشرات إيجابية تدعم مسار النمو، موضحاً أن خروج الإمارات من «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي في فبراير 2024 شكّل خطوة محورية نحو تعزيز الجدارة الائتمانية، وزيادة ثقة المستثمرين الدوليين.

كما لفت إلى أن دبي تحتضن اليوم أكبر تجمع لشركات «Web3» في المنطقة، حيث تجاوز عدد شركات التشفير المسجلة ضمن مركز الكريبتو التابع لمركز دبي للسلع المتعددة 700 شركة خلال عام 2025.

وأكد البلوشي أن «دبي باتت قريبة جداً من أن تُعتبر نموذجاً عالمياً يُحتذى به في مجال الاقتصاد الرقمي، بفضل منظومتها التنظيمية والقانونية المتقدّمة، وبنيتها التحتية الذكية، والمبادرات الحكومية النوعية مثل مشروع العملة الرقمية الوطنية».

وأضاف أن المقومات التي تتمتع بها دبي من تنظيم مرن، ولاعبين دوليين مرخّصين محلياً، ومناطق اقتصادية متخصّصة، وبيئة جاذبة للمواهب، إلى جانب حاضنات ومسرّعات أعمال، تجعل منها بيئة مثالية لنمو الشركات الناشئة وتمكينها من الوصول إلى التمويل والشركاء المصرفيين بسهولة.

وعن معدلات تبنّي الأصول الرقمية في الإمارات، أشار البلوشي إلى أن التقديرات تشير إلى أن ما بين 25% إلى 33% من سكان الدولة يمتلكون عملات رقمية، ما يجعل الإمارات تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في تبنّي العملات المشفرة، متوقعاً أن ترتفع هذه النسبة مع دخول شركات كبرى من قطاعات كالعقارات والطيران.


من جهته، قال الرئيس التنفيذي لمجموعة «عزيزي»، فرهاد عزيزي، إن «قطاع العقارات في دبي يشهد تحولاً نوعياً في تبني حلول الدفع الرقمية»، مؤكداً أن اعتماد العملات الرقمية كخيار إضافي لطرق الدفع يُعد جزءاً طبيعياً من هذا التطور المتسارع.

وأشار إلى أن دبي وضعت أساساً صلباً للتحوّل الرقمي عبر مبادرات حكومية متكاملة، أبرزها إنشاء سلطة دبي لتنظيم الأصول الافتراضية (VARA)، التي أرست أطراً واضحة لتنظيم التعاملات الة بالأصول الرقمية، مضيفاً أنه «من الطبيعي أن يمتد هذا التوجه إلى القطاع العقاري، كونه ركيزة أساسية في اقتصاد الإمارة».

وأوضح عزيزي أن «العملات الرقمية ستلعب دوراً متزايداً في تشكيل مستقبل الاستثمار العقاري، خصوصاً في أسواق مثل دبي التي تتبنّى الابتكار وتدعم التنظيم»، لافتاً إلى أن هذه العملات توفر وسيلة دفع سريعة وعابرة للحدود، تسهّل دخول مستثمرين عالميين دون التحديات التقليدية.

ولفت عزيزي إلى أن دائرة الأراضي والأملاك في دبي تقود جهوداً لتطوير بيئة استثمار رقمية تشمل الأصول العقارية الافتراضية وتطبيقات «بلوك تشين»، بما ينسجم مع استراتيجية دبي العقارية 2033، وأجندة دبي الاقتصادية D33، لترسيخ مكانة الإمارة وجهة عالمية للاستثمار العقاري الذكي. وتوقّع أن يصبح الدفع بالعملات الرقمية أكثر انتشاراً خلال السنوات المقبلة، دون أن يحل محل الوسائل التقليدية، بل يكملها ضمن منظومة دفع متنوّعة، مؤكداً أن اعتماد هذه العملات يدعم مكانة دبي عاصمة عالمية للابتكار العقاري والمالي، خصوصاً في ظل وجود أطر تشريعية واضحة.

وشدّد الرئيس التنفيذي لمجموعة «عزيزي»، على التزام مجموعته بتبنّي تقنيات مثل ترميز الأصول والبلوك تشين، لما توفره من أمان وشفافية وكفاءة، وتوسيع لقاعدة المستثمرين في سوق العقارات.


قطاع الأصول الافتراضية

أكّدت سلطة دبي للأصول الافتراضية، في تصريحات خاصة لـ«الإمارات اليوم»، أن تأسيسها من الصفر أتاح فرصة للعمل جنباً إلى جنب مع قطاع الأصول الافتراضية دون قيود تنظيمية سابقة، الأمر الذي مكنها من إصدار لوائح واضحة وسريعة تتعلق بالتراخيص والتوجيهات التشغيلية.

وأشارت السلطة إلى أن دبي أدركت مبكراً أهمية الحاجة إلى نظام تنظيمي خاص للأصول الافتراضية، وقامت بتأسيس أول هيئة تنظيمية مستقلة في العالم متخصصة حصرياً في تنظيم هذا القطاع.

كما أوضحت أن تأسيس السلطة مكن الشركات من العمل وفق أطر واضحة عززت الثقة والشفافية، وأسهم في استقطاب كبرى الشركات العالمية في هذا المجال، لتشكّل بذلك محطة فارقة تسهم في استقطاب الشركات والمواهب إلى دبي.

ولفتت إلى أن التشريعات الشفافة ومراحل الترخيص المحددة تمنح المنصات ثقة أكبر لتخصيص الموارد والانطلاق في السوق الإماراتية، مشددة على أن الشركات التي ترى مساراً واضحاً للحصول على التراخيص التشغيلية تلتزم بإطلاق عملياتها من دبي.

وأفادت بأن مهمة السلطة تتركّز في وضع قواعد مستقرة وموثوقة لتطوير قطاع الأصول الافتراضية في دبي، مشيرة إلى أن الإطار التنظيمي المعتمد منذ عام 2022 يستند إلى مبادئ مستقبلية تركّز على طبيعة الأنشطة بدلاً من التقنية المستخدمة، ما يمنح المرونة لمقدمي الخدمات مع الحفاظ على متطلبات الامتثال وإدارة المخاطر.

وكشفت عن إصدارها منذ تأسيسها وحتى الآن 36 ترخيصاً لكيانات تعمل في قطاع الأصول الافتراضية، منوهة بأن هناك نحو 500 طلب قيد التقييم والدراسة حالياً.

700 شركة في مركز «كريبتو» بدبي

يضم مركز «كريبتو» التابع لمركز دبي للسلع المتعددة، أكثر من 700 شركة متخصصة في مجالات الأصول الرقمية وسلسلة القيمة الة بها، تشمل مزوّدي البنية التحتية للبلوك تشين، ومنصات الترميز الرقمي، وحلول الميتافيرس، ومشروعات التمويل اللامركزي، مسجلاً بذلك نمواً سنوياً بنسبة 38%.

ويوفّر المركز منظومة متكاملة تشمل خدمات تجارية، وبرامج دعم وتوجيه، وإمكانية الوصول إلى التمويل، إلى جانب برامج مسرّعات مخصصة وشراكات حصرية مع أبرز الجهات العالمية في مجال تكنولوجيا الجيل الثالث من شبكة الإنترنت، ما جعله يُشكّل اليوم أكبر تجمع لشركات الأصول الرقمية في المنطقة.

شاركها.