كشف متخصصون في تعليم أصحاب الهمم، عن وجود ثماني حالات من الطلبة تستوجب وجود «معلم ظل» يرافق الطالب داخل الصف، باعتباره عنصر دعم تربوي فردياً يسهم في تمكينه من الاندماج الأكاديمي والاجتماعي مع زملائه، ومساعدته على متابعة الدروس وتنفيذ الأنشطة التعليمية اليومية وفق احتياجاته الخاصة، بما يضمن تحقيق مبدأ التعليم الدامج وتكافؤ الفرص داخل البيئة المدرسية.
وقالوا لـ«الإمارات اليوم» إن هذه الحالات تشمل الطلبة الذين يواجهون تحديات في مجالات التواصل والتفاعل الاجتماعي، والتنظيم السلوكي الذاتي، والتعلّم الأكاديمي، والجوانب الحسية والطبية، والاستقلالية والمهارات الحياتية، والمواقف الانتقالية أو البيئات التعليمية الجديدة، إلى جانب اعتبارات السلامة، وتوصيات التقييم والخطط التعليمية الفردية.
طيف التوحّد
وقالت المستشارة النفسية والتربوية، الدكتورة نور رفيق أبوسنينة لـ«الإمارات اليوم»، إن أولى الحالات التي تستوجب وجود «معلم ظل»، تلك التي تعاني تحديات التواصل والتفاعل، مثل طيف التوحّد وصعوبات التفاعل الاجتماعي، وفهم القواعد الاجتماعية، ومن لديهم اضطرابات وتأخر لغوي ملحوظ، وانسحاب اجتماعي.
وأضافت أن فئة السلوك والتنظيم الذاتي تشمل الحالات التي يعاني فيها الطالب تشتّت انتباه شديداً أو فرط حركة يؤثر بصورة مباشرة في قدرته على التعلّم ما لم تتم متابعته بشكل دقيق ومستمر.
وتابعت أن هذه الفئة تضم الطلبة الذين يُظهرون سلوكيات هروب متكررة من الصف، أو نوبات غضب وانفعالات حادة، أو اندفاعية وعدوانية. وهي تستوجب وضع خطة سلوكية عاجلة وتطبيقها بانتظام داخل البيئة الصفية.
وتشمل كذلك الطلبة الذين يواجهون صعوبات كبيرة في الانتقال بين الأنشطة التعليمية أو الالتزام بالروتين اليومي دون الحصول على توجيهات وتلميحات فورية من معلم الظل، لضمان استقرارهم وانضباطهم السلوكي.
التعلم الأكاديمي
وأوضحت أن الحالات التي تستدعي وجود مرافق دعم أكاديمي، تشمل الطلبة الذين يعانون فجوات واسعة في المهارات الأساسية مثل القراءة والكتابة والحساب، بما يتطلب تفكيك المهام التعليمية إلى خطوات صغيرة ومتابعة دقيقة ومتواصلة أثناء الحصص الدراسية.
كما تضم الطلبة الذين يواجهون صعوبات تعلم شديدة تستلزم تكييفاً فورياً للأنشطة التعليمية وتوجيهاً فردياً مستمراً داخل الصف، إضافة إلى أولئك الذين يعتمدون بصورة دائمة على الوسائل التعليمية أو التقنية المساندة، ويحتاجون إلى تدريب عملي وإشراف لحظي على كيفية استخدامها بالشكل الأمثل لضمان تحقيق أهدافهم الأكاديمية.
وأشارت إلى فئة من الطلبة تحتاج إلى وجود معلم ظل لدعمهم في الجوانب الحسية والطبية، تشمل الطلبة الذين يعانون اضطرابات مثل الحساسية الزائدة تجاه الأصوات أو الملامس أو الإضاءة، ما يتطلب تهيئة فورية للبيئة الصفية وتطبيق استراتيجيات تهدئة تساعدهم على التركيز والاستقرار.
كما تضم الحالات التي تعاني إعاقات حركية وتحتاج إلى مساعدة آمنة أثناء التنقل أو عند الجلوس أو استخدام الأدوات التعليمية داخل الصف.
وتشمل أيضاً الطلبة الذين لديهم حالات طبية مزمنة أو حرجة، مثل السكري أو الصرع أو الحساسية الشديدة أو التغذية الأنبوبية، إذ يحتاجون إلى مراقبة دائمة واستجابة سريعة لضمان سلامتهم أثناء اليوم الدراسي.
الاستقلالية والمهارات
من جانبها، ركزت أخصائية تعليم أصحاب الهمم، شريفة علي، على فئة الاستقلالية والمهارات الحياتية، موضحة أن بعض الطلبة يحتاجون إلى دعم منتظم في مهارات العناية الذاتية، مثل استخدام الحمّام، وتناول الطعام، وتنظيم الأدوات الشخصية خلال اليوم الدراسي. وهي مهارات أساسية لضمان مشاركتهم الفاعلة في البيئة المدرسية.
وأضافت أن هؤلاء الطلبة يحتاجون إلى تدريب مستمر على مهارات الاستقلال، كتعلم كيفية طلب المساعدة بطريقة مناسبة، وإدارة الوقت، وتنظيم الحقيبة والواجبات المدرسية، مشيرة إلى أن وجود معلم الظل في هذه الحالات يسهم في تعزيز قدراتهم على الاعتماد على الذات تدريجياً، وتمكينهم من تحقيق مزيد من الاستقلالية والثقة بالنفس داخل المدرسة وخارجها.
وأوضحت أن من الحالات التي قد تتطلب وجود مرافق دعم أكاديمي، تلك الة بـ«المواقف الانتقالية أو البيئات التعليمية الجديدة»، إذ يحتاج بعض الطلبة إلى دعم مرحلي مؤقت عند انتقالهم إلى مدرسة جديدة أو مرحلة تعليمية مختلفة، لمساعدتهم على التأقلم مع الأنظمة والتوقعات والبيئة الصفية الجديدة.
كما تشمل هذه الفئة الطلبة الذين يتم دمجهم حديثاً من غرف المصادر أو المراكز التخصصية إلى الصفوف العامة، حيث يحتاجون إلى مساندة تدريجية ومتابعة فردية لضمان انتقالهم السلس، وتعزيز شعورهم بالأمان والقدرة على التفاعل الإيجابي داخل بيئة التعلم العادية.
اعتبارات السلامة
وأكدت التربوية خلود فهمي، أن هناك حالات تستدعي وجود معلم ظل لأسباب تتعلق بـ«اعتبارات السلامة»، مشيرة إلى أن بعض الطلبة قد يشكلون أو يواجهون مخاطر محتملة على سلامتهم أو سلامة من حولهم، ما يتطلب وجود شخص مؤهل يقدّم إشرافاً لصيقاً وتدخلاً سريعاً عند الحاجة.
وأوضحت أن هذا الدور لا يقتصر على المتابعة الميدانية، بل يشمل أيضاً تدريب الطالب على سلوكيات الأمان، وتعليمه كيفية الاستجابة للمواقف الطارئة بطريقة آمنة ومنضبطة، بما يضمن حمايته الشخصية واستقرار البيئة الصفية ككل.
وأضافت أن من بين الحالات التي تستدعي وجود مرافق دعم أكاديمي تلك التي تتعلق بـ«توصيات التقييم والخطط التعليمية الفردية»، حيث تشير بعض التقييمات المتخصصة أو الخطط الفردية إلى ضرورة توفير دعم فردي مكثف داخل الصف لمساندة الطالب في تحقيق أهدافه التعليمية والسلوكية.
كما تشمل هذه الفئة الطلبة الذين يحتاجون إلى تعميم مهارات العلاج، سواء كانت نطقية أو وظيفية أو سلوكية، ضمن البيئة الصفية بشكل فوري ومتكرر، لضمان استمرارية التعلم والتطور العملي للحالات.
تدخل تدريجي ومؤقت
شدّدت التربوية خلود فهمي، على أن الهدف الأساسي من وجود معلم الظل هو تمكين الطالب وتعزيز استقلاليته، وليس الاعتماد الدائم على الدعم، لذلك يجب أن يكون التدخل تدريجياً ومؤقتاً ويُخفَّف تدريجياً مع تحسّن مهارات الطالب.
وأكّدت أهمية أن يعمل معلم الظل وفق خطة واضحة ذات أهداف قابلة للقياس، بالتنسيق مع المعلم الأساسي والأسرة وفريق الاختصاصيين.
وقالت: «ليس كل طالب بحاجة إلى معلم ظل دائم، إذ قد يكون الدعم الجزئي كافياً في بعض الحالات، سواء لساعات محددة أو خلال مواقف معينة مثل أوقات الانتقال أو بعض الحصص الدراسية».