اتجاه متزايد إلى حظر أدوات DeepSeek بسبب مخاوف أمنية
بدأت شركات وهيئات حكومية حول العالم تقييد وصول موظفيها إلى الأدوات التي أطلقتها حديثًا شركة DeepSeek الصينية الناشئة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، وذلك وفقًا لشركات الأمن السيبراني التي تستعين بها لحماية أنظمتها.
وأكدت مصادر لصحيفة بلومبرغ الصينية أن “المئات” من الشركات، خاصةً المرتبطة بالحكومات، اتخذت إجراءات لحظر وصول موظفيها إلى خدمات DeepSeek بسبب المخاوف من احتمالية تسريب البيانات إلى الحكومة الصينية، بالإضافة إلى ما تعده “معايير خصوصية ضعيفة”.
وأشارت المصادر إلى أن معظم عملاء Netskope، وهي خدمة تُستخدم لتقييد وصول الموظفين إلى مواقع الإنترنت، يتخذون خطوات مماثلة لتقييد الوصول إلى DeepSeek.
وازدادت المخاوف بشأن تطبيق DeepSeek منذ انتشاره الواسع نهاية شهر يناير الماضي، وخاصةً في الأوساط الغربية، وذلك بعدما حصل روبوت المحادثة الذكي الخاص بالشركة على إشادة واسعة من شخصيات بارزة في القطاع التقني، مما دفع التطبيق إلى تصدّر قائمة التنزيلات في متجر آبل للتطبيقات.
وتتمحور المخاوف حول سياسة الخصوصية الخاصة بـ DeepSeek، إذ تنص الشركة على أنها تجمع البيانات وتخزّنها في خوادم موجودة في الصين، وأن أي نزاع قانوني حول هذه البيانات يخضع للقوانين الصينية.
وكشف باحثون في الأمن السيبراني أنهم عثروا على قاعدة بيانات مفتوحة تابعة لـ DeepSeek، تحتوي على بيانات داخلية، ومنها سجلات المحادثات والتفاصيل الخلفية والبيانات التقنية.
وفي ظل تصاعد المخاوف، بدأت الجهات التنظيمية في عدة دول بمراجعة سياسات خصوصية DeepSeek، وقد أعلنت لجنة حماية البيانات في أيرلندا، التي تشرف على الامتثال للوائح الخصوصية الأوروبية، أنها طلبت من الشركة توضيح كيفية حماية بيانات المستخدمين.
وأعلنت هيئة حماية البيانات الإيطالية أنها خاطبت شركة DeepSeek للحصول على معلومات حول كيفية تعامل تطبيق الذكاء الاصطناعي مع بيانات المستخدمين الإيطاليين، وإذا كانت هذه البيانات تُنقل إلى الصين، مطالبةً الشركة بالرد في غضون 20 يومًا.
وفي بريطانيا، أوضحت هيئة مفوضي المعلومات أن مطوري الذكاء الاصطناعي التوليدي يجب أن يكونوا شفافين بشأن كيفية استخدامهم البيانات الشخصية، مؤكدةً أنها ستتخذ إجراءات في حال عدم الامتثال لمتطلبات الخصوصية.
وحذّر بعض خبراء الأمن السيبراني لبلومبرغ من أن أدوات DeepSeek قد تكون أقل أمانًا مقارنةً بغيرها، ما يسهل على المهاجمين استخدامها لأغراض ضارة، مثل صياغة رسائل تصيّد إلكتروني، وتحليل بيانات مسروقة، والبحث عن ثغرات إلكترونية لاستغلالها.
ووفقًا لبلومبرغ، فإن تنامي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل DeepSeek، سيؤدي إلى زيادة الإقبال على خدمات الأمن السيبراني، وهو ما قد يعود بالفائدة على الشركات الناشطة في هذا المجال.
يُذكر أن المخاوف الغربية المتعلقة بتأثير القوانين الصينية في الشركات التقنية لم تكن جديدة، إذ سبق أن أثار مسؤولون أمريكيون قلقًا بشأن قوانين الأمن القومي الصينية التي تمنح الحكومة حق الوصول إلى مفاتيح التشفير التي تتحكم فيها الشركات العاملة في الصين، وزعموا أن الحكومة تجبر الشركات على التعاون في أنشطة استخباراتية.
وكانت هذه المخاوف من بين الأسباب الرئيسية التي دفعت الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات ضد تيك توك المملوك لشركة بايت دانس الصينية.
وحتى مع نفي تيك توك هذه الاتهامات، ما زالت القضية مثار جدل واسع، إذ تعهّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتوصل إلى صفقة تضمن استمرار المنصة في الولايات المتحدة بعد توليه منصبه في يناير الماضي.
ومن الجوانب المهمة التي لفتت الأنظار إلى تطبيقات DeepSeek وأدواتها الأسعار التنافسية المنخفضة التي تقدمها الشركة، والتي قد تُغري المطورين والشركات بالتحوّل بعيدًا عن OpenAI خلال الأشهر المقبلة.
وتواجه DeepSeek تدقيقًا متزايدًا من الجهات التنظيمية في عدة دول مع صعودها السريع المفاجئ، وسط تساؤلات حول مدى التزامها بمعايير حماية البيانات والأمن السيبراني.