في ختامٍ استثنائي لفعاليات (بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025) Black Hat MEA 2025، رسّخت المملكة العربية السعودية مكانتها كقوة محورية ومركز عالمي لصناعة الأمن السيبراني والتحول الرقمي.

فقد تحوّل الحدث، الذي نظمه ببراعة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، بالتعاون مع شركة تحالف، من مجرد مؤتمر تقني إلى منصة عالمية جمعت الخبراء وصناع القرار والمبتكرين في المجال، لتؤكد الدور المتنامي للرياض كبوابة رائدة للتعاون الدولي ووجهة جاذبة للاستثمار في المستقبل الرقمي.

لقد شهدت نسخة هذا العام مشاركة قياسية وحجمًا ضخمًا عكس الثقة الدولية الكبيرة بالسوق الرقمية السعودية، ليُسجل (بلاك هات الرياض 2025) رقمًا جديدًا كأضخم نسخة وأكثرها تأثيرًا في تاريخ المؤتمر.

(بلاك هات 2025).. حضور عالمي غير مسبوق:

شهد (بلاك هات 2025) على مدار ثلاثة أيام في الرياض، مشاركة كثيفة جعلته من أبرز الفعاليات السيبرانية عالميًا، وتُظهر الأرقام حجم الأهمية التي وصل إليها المؤتمر، مما يعزز بالفعل مكانة المملكة كمركز عالمي للأمن السيبراني:

  • عدد الزوار: استقطب الحدث نحو 40 ألف زائر من 160 دولة حول العالم.
  • المساحة والجهات العارضة: أُقيم المؤتمر على مساحة ضخمة بلغت 60 ألف متر مربع، بمشاركة أكثر من 500 جهة عارضة.
  • المحتوى التقني: تجاوزت ساعات المحتوى التقني 200 ساعة، بمشاركة 300 متحدث دولي، إضافة إلى نحو 270 ورشة عمل متخصصة.
  • المنافسات الاحترافية: شهدت منافسات (التقط العلم) مشاركة قوية من 500 متسابق، مما يدل على اهتمام الحدث ببناء الكفاءات وصقل المهارات.

و لم يأتِ هذا الحضور الكثيف من فراغ، بل هو نتاج لسنوات من العمل الذي أظهر تنامي المشاركة الدولية في النسخ السابقة التي احتضنتها العاصمة السعودية، إذ بلغ إجمالي المشاركين 4,100 متسابق، وشاركت 1,300 شركة عالمية، وحضر 1,300 متخصص في الأمن السيبراني. وهو ما يعكس تطور الحدث إلى منصة عالمية للتعاون التقني وتبادل الخبرات من قلب الرياض.

جاذبية الاستثمار وتعزيز الاقتصاد الرقمي:

لم يقتصر نجاح (بلاك هات 2025) على الجانب التقني والمعرفي فحسب، بل امتد ليؤكد جاذبية المملكة كبيئة خصبة للاستثمار في قطاع الأمن السيبراني، فقد سجّل المؤتمر حضورًا لافتًا للمستثمرين، إذ بلغت قيمة الأصول المُدارة للمشاركين نحو 13.9 مليار ريال. ويعكس هذا الرقم الثقة الدولية المتزايدة بالسوق الرقمية السعودية وقدرتها على تحقيق عوائد استثمارية مجزية.

كما أُعلنت أكثر من 25 صفقة استثمارية، بمشاركة 200 مستثمر و500 استوديو ومطور، وتسهم هذه الصفقات والفعاليات في دعم بيئة الاقتصاد الرقمي وتعزيز منظومة الشركات التقنية الناشئة، مما يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود في رؤية 2030.

تحديات الأمن السيبراني الكبرى المتوقعة لعام 2026:

"بلاك هات 2025".. كيف رسّخت السعودية مكانتها كمركز عالمي لصناعة الأمن السيبراني؟

تناولت الجلسات المتخصصة خلال المؤتمر أهم تحديات الأمن السيبراني المتوقَّعة لعام 2026، ابتداءً من توسّع أسطح الهجمات السيبرانية، وتنامي تأثير أنظمة الذكاء الاصطناعي في عمليات صنع القرار، ووصولًا إلى تعقيدات سلاسل الإمداد والضغوط المتزايدة على منظومات الهوية الرقمية. وأكد متحدثون دوليون أن وتيرة التحول التقني خلال العامين الماضيين تجاوزت ما شهده القطاع في العقدين السابقين مجتمعين.

وقدّم خبراء من المعهد الوطني للأمن ووزارة الدفاع البريطانية، إلى جانب شركات تقنية عالمية رائدة، رؤى معمّقة حول مستقبل الدفاعات الرقمية؛ إذ شددوا على ضرورة تعزيز الاستثمار في حماية الأنظمة في عصر الذكاء الاصطناعي، والحفاظ على الانضباط التشغيلي، ورفع مستوى الرقابة على سلاسل الإمداد لضمان أمنها ومرونتها.

الأهمية المحورية للمؤتمر ودوره المستقبلي:

يُعدّ (بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025) أكثر من مجرد معرض، فهو منصة دولية لتبادل المعرفة، فقد جمع الخبراء والمهتمين بالأمن السيبراني من مختلف أنحاء العالم لتبادل المعرفة ومناقشة أحدث التهديدات والحلول.

كما يوفر المؤتمر بيئة مثالية لعرض الأدوات والتقنيات الحديثة اللازمة لمواجهة التحديات السيبرانية المتزايدة وتطويرها، وينسجم دور المؤتمر بنحو مباشر مع مسار المملكة نحو تعزيز كفاءة القطاع التقني، وهو ركيزة أساسية ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 الطموحة.

Three days, thousands of conversations, countless moments that reminded us why Cybersecurity’s Global Stage matters.

As Black Hat MEA comes to a close, we’re walking away with a deeper sense of community, sharper ideas, and a renewed commitment to the work that brings all of us… pic.twitter.com/HSPcgldgZt

— Black Hat MEA (@Blackhatmea) December 6, 2025

في الختام، يُؤكد (بلاك هات الشرق الأوسط وأفريقيا 2025) دوره الحيوي كمنصة دولية لا غنى عنها في خريطة الأمن السيبراني العالمية، إذ تضع الأرقام القياسية والمشاركة الواسعة وقيمة الاستثمارات التي تم استقطابها، كلها الرياض في صدارة المشهد التقني، وتُبرهن على التزام المملكة الراسخ ليس فقط بتأمين فضائها الرقمي، بل وتحويل هذا القطاع إلى محرك أساسي للنمو الاقتصادي والتنمية المعرفية على الصعيدين الإقليمي والدولي.

شاركها.