في مطلع هذا الشهر، أعلنت OpenAI – مطوّرة ChatGPT – حالة “الطوارئ القصوى” داخليًا، في خطوة هدفت إلى إعادة تركيز فرقها على منافسة جوجل في سباق الذكاء الاصطناعي. هذا الإعلان أعاد إلى الأذهان مشهدًا معاكسًا قبل ثلاثة أعوام، حين كانت جوجل هي من تقرع أجراس الإنذار للحاق بتقدّم OpenAI، قبل أن تُقدم في يناير 2023 على أول موجة تسريحات واسعة في تاريخها، واصفةً القرار آنذاك بأنه “صعب، لكنه ضروري للاستعداد للمستقبل”.
ويفتح هذا التحوّل في الأدوار باب التساؤل حول إذا كانت OpenAI قد تتجه بدورها إلى خفض عدد موظفيها مطلع العام المقبل، في ظل توسّعها السريع وتعدّد جبهات المنافسة. ومن هذا المنطلق، تتشكّل مجموعة من التوقّعات حول ملامح عام 2026 في عالم التقنية والذكاء الاصطناعي، تتوزّع بين السياسة والاقتصاد وسوق العمل وحدود الخصوصية.
استعراض الروبوتات الذكية في كل مكان
من المتوقّع أن تتحوّل مؤتمرات التقنية الكبرى في 2026 إلى منصّات لاستعراض روبوتات مدعومة بنماذج لغوية متقدمة. وتعمل شركات مثل جوجل منذ سنوات على تدريب الروبوتات على أداء المهام المنزلية، لكن الدمج الجديد بين الروبوتات ونماذج شبيهة بـ ChatGPT و Gemini قد يقلّل الحاجة إلى التدريب المطوّل، ويزيد دقة التنفيذ.
ويرى خبراء أن “الحدّ التالي” لتطوّر النماذج اللغوية تعاملها المباشر مع العالم المادي، من خلال فهم الكتيبات الإرشادية، والتعلّم من مقاطع الفيديو، واستيعاب الرسومات الهندسية. ومع ذلك، ستظل عروض 2026 في إطار التجارب والاستعراضات، إذ إن طرح هذه التقنيات تجاريًا يتطلّب اختبارات صارمة لتجنّب أي أضرار محتملة.
انكماش الفقاعة.. ولو مؤقتًا
شهد مطلع 2025 صدمة في الأسواق بعد أن أظهرت شركة صينية ناشئة أن بناء أنظمة ذكاء اصطناعي فعّالة لا يتطلّب دائمًا شرائح متقدمة باهظة الثمن. ومع أن موجة القلق في أسواق الأسهم كانت قصيرة، فإن عام 2026 قد يشهد تصحيحًا أوسع، مع سعي شركات كبرى إلى إعادة تقييم استثماراتها وتقليص المشروعات الأقل نجاحًا.
وقد تضاعف عدد موظفي OpenAI خمس مرات خلال عامين ليصل إلى نحو 4,500 موظف، وهو توسّع قد يكون مبرّرًا في ظل دخولها مجالات جديدة مثل تصميم الرقاقات، لكن إعادة هيكلة محتملة قد تفتح الباب أمام أول تسريحات كبيرة في تاريخ الشركة، وهو سيناريو قد تحذو حذوه شركات أخرى في القطاع.
ومع ذلك، تؤكد OpenAI أنها ما زالت “فريقًا صغيرًا نسبيًا”، وتبدي حماسة لمواصلة التوظيف وبناء منتجات جديدة خلال 2026.
دور أوسع للوكلاء الذكيين في العمل
مع انتشار أدوات “الذكاء الاصطناعي الوكيلي” القادرة على أتمتة مهام مثل خدمة العملاء، تتزايد المخاوف من لجوء الشركات إلى برامج مراقبة تسجّل نشاط الموظفين الرقمي لتدريب هذه الأنظمة. ويسبب هذا التوجّه قلقًا مضاعفًا لدى العاملين، ليس فقط بسبب تهديد الوظائف، بل أيضًا بسبب احتمالات جمع بيانات شخصية حساسة.
قضايا تعود مجددًا إلى الواجهة
بينما أخفقت بعض الأجهزة القابلة للارتداء التي تعتمد على تسجيل الصوت بنحو دائم، حقّقت البرمجيات الذكية التي تستمع إلى الاجتماعات والمكالمات عبر الحاسوب انتشارًا لافتًا. وتثير هذه الأدوات أسئلة قانونية وأخلاقية حول آداب التعامل الرقمي، وتأثير الذكاء الاصطناعي في أطراف ثالثة غير المستخدم المباشر.
ويتوقّع خبراء أن تتصدّر هذه القضايا المشهد خلال 2026، ربما عبر دعاوى قضائية أو حوادث اختراق بيانات كبرى، مما سيدفع الشركات إلى وضع ضوابط أوضح لاستخدام هذه التقنيات.
توسّع الروبوتاكسي بلا حوادث كبرى
تتجه خدمات سيارات الأجرة الذاتية القيادة في بعض الدول مثل الصين والولايات المتحدة إلى توسّع ملحوظ في 2026، مع خطط لزيادة عدد الرحلات والمدن المشمولة، وربما التوسّع دوليًا. وحتى مع المخاوف الشائعة من وقوع حوادث قاتلة، تشير البيانات إلى أن هذه المركبات المعتمدة على الأنظمة الذكية نادرًا ما تكون السبب الرئيسي في الحوادث، مقارنةً بالأخطاء البشرية أو أنظمة القيادة شبه الذاتية.
ومع بقاء عددها محدودًا وسرعاتها منخفضة نسبيًا، يُرجّح أن تحافظ الروبوتاكسي على سجلّ خالٍ من الكوارث الكبرى، مدفوعةً بحوافز قوية لتجنّب الأخطار.
في عام 2026، لن يكون التحدّي الحقيقي أمام شركات الذكاء الاصطناعي تطوير نماذج أكثر ذكاءً فحسب، بل إدارة تبعات هذا التطوّر على الاقتصاد وسوق العمل والخصوصية وثقة المستخدمين، مع دخول ذلك المجال الواعد مرحلة أكثر نضجًا وأقل اندفاعًا.
