على مدى خمسة أيام من 20 إلى 24 من تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 شهدت مدينة المعارض في ريف العاصمة السورية، دمشق، فعاليات الدورة الحادية عشرة من معرض سيريا هايتك لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
وجاء المعرض بدعم رسمي متميّز بحضور معالي وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السوري، عبد السلام هيكل، ومعالي وزير الاقتصاد الرقمي والريادة الأردني، المهندس سامي سميرات، وبمشاركة عدد من الوزراء والمسؤولين السوريين وثلة من رجال الأعمال السوريين والعرب.
وقد رافق هذه الفعاليات تنظيم الملتقى الأردني السوري للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ضمن إطار المعرض، مما أضفى على الحدث طابعًا إقليميًا ودعم بناء شراكات تقنية بين البلدين.
مشاركة مميزة للشركات الناشئة السورية:
شهد معرض سيريا هايتك حضورًا قويًا للشركات الناشئة في سوريَة التي تقدّم حلولًا مبتكرة في مجالات التعليم الإلكتروني، وأنظمة الروبوتات، والذكاء الاصطناعي.
وقد عرضت هذه الشركات منصات تعليمية وأدوات رقمية تمكّن الأطفال واليافعين من تنفيذ مشاريع روبوتية حقيقية باستخدام أدوات مبسّطة، مما يتيح لهم اكتساب مهارات البرمجة والتحليل والتفكير النقدي، وتأهيلهم ليكونوا جزءًا فاعلًا في التحول الرقمي الوطني.
وتضمنت المبادرات الوطنية إطلاق الدوري السنوي للروبوتات، وهو مسابقة وطنية شارك فيها مئات الأطفال من مختلف المحافظات السورية، إذ احتوت على مشاريع مثل روبوت للكشف عن الألغام وآخر للعناية بالمزروعات، مما يعكس قدرة الشباب السوري على الابتكار على الرغم من الظروف الصعبة. وقد وُضعت خطط لتوسيع نطاق هذه المبادرة مستقبلًا، مع إشراك مؤسسات تعليمية وشركاء تقنيين محليين ودوليين.
كما شهد معرض سيريا هايتك مشاركة منصات تمويل ريادية تهدف إلى دعم روّاد الأعمال الشباب عبر نماذج تمويل تشاركي غير ربحي، ومن خلال توفر جلسات استشارية في مجالات الإدارة والتسويق والقانون، سواء حضوريًا أو عبر الإنترنت.
وتركّز تلك المبادرات على تدريب الشركات الصغيرة والمتوسطة على رفع كفاءتها وإدارة مواردها بفعالية، بما يسهم في نمو الاقتصاد الرقمي الوطني.
وعلى صعيد الذكاء الاصطناعي، عُرضت خلال المعرض حلول مبتكرة لتوظيف التقنيات في المؤسسات التعليمية والشركات الناشئة، مع التركيز على أن الذكاء الاصطناعي أداة لتعزيز الإنتاجية والكفاءة وليس بديلًا عن العنصر البشري، مما يوضح التزام البيئة الرقمية السورية بإرساء قاعدة مستدامة للابتكار التكنولوجي.
حلول متقدمة في الاتصالات والخدمات الرقمية:
وفي سياق ذي صلة، قدّمت شركات سورية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات والحلول التقنية الحديثة مجموعة متكاملة من المنتجات والخدمات.
وتضمنت تلك العروض توريد الحواسيب والطابعات والخوادم وأجهزة الإنذار الحديثة، مما يعكس توفر البنية التحتية اللازمة ودعم القدرة على المنافسة مع الموردين الدوليين.
كما شملت الحلول المقدمة خدمات الإنترنت اللاسلكي الخارجي (WiFi Outdoor) عبر خطوط نفاذ مباشرة ونطاقات IP عامة، بما يوفر اتصالًا مستقرًا وعالي الجودة غير تشاركي، إلى جانب باقات غير محدودة وخطط للتوسع إلى محافظات إضافية.

الخدمات السحابية:
وفي مجال الخدمات السحابية، استعرضت الشركات السورية التحوّل من البنية التقليدية القائمة على الخوادم إلى أنظمة مرنة تعتمد على التخزين والعمل عبر الإنترنت، مما يتيح مشاركة الموارد وتقليل التكاليف التشغيلية.
وقد ساهمت هذه الحلول في تحسين إدارة البيانات والموارد في المؤسسات، ودعم الانتقال نحو بيئة رقمية أكثر تطورًا وكفاءة، بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية في هذا المجال.
كما شهد معرض سيريا هايتك عرض حلول تقنية تهدف إلى تحسين الوصول إلى التطبيقات الرقمية العالمية وتجاوز القيود التقنية، بما يرفع مستوى أمان الشبكات ويضمن جودة الخدمات الرقمية المقدمة للأفراد والمؤسسات.
وقد ساعدت هذه الحلول في تعزيز قدرة الشركات المحلية على تقديم خدمات رقمية مبتكرة، وتحفيز المنافسة ضمن السوق السوري، بما يدعم الاقتصاد الرقمي ويصنع فرص عمل جديدة في القطاع التقني.
نظارة متطورة لإرشاد المكفوفين:
وفي مجال تسليط الضوء على إمكانيات الشباب، عرض المخترع السوري الشاب، محمد فرزت سالم تركية، اختراعًا جديدًا يحسن حياة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية والمكفوفين، فهو عبارة عن “نظارة إرشاد” متطورة وظّف فيها التقنيات الحديثة.
وأوضح تركية، في حديث إلى وكالة الأنباء السورية الرسمية، أن النظارة تعتمد على نظام متكامل يتكون من كاميرا ومعالج ومكبر صوت Speaker، إذ تقوم الكاميرا بالتقاط صورة للمحيط، ثم يعالج النظام البيانات ويرسلها إلى مكبر الصوت ليتمكن المستخدم الكفيف من سماع وصف العوائق المحيطة به، وذلك بصوت ناطق باللغة العربية أو أي لغة أخرى، مشيرًا إلى أن الجهاز قادر على كشف العوائق على مسافة تصل إلى 50 مترًا.
ولفت تركية إلى أن النظارة مزوّدة بزر يستخدم الذكاء الاصطناعي، يمكّنه من الإجابة عن الأسئلة الرياضية وغيرها، كما تحتوي على قاعدة شحن مغناطيسية تعمل كساعة ذكية، مما يجعلها متعددة الوظائف وعملية في الاستخدام اليومي.
كما أوضح أنه قام بدمج تقنيات إضافية في الجهاز، مثل البلوتوث، ونظام كشف ما بداخل الألغام، إلى جانب اختراعه جهازًا مساعدًا لزراعة الأسنان، في إطار سعيه إلى تقديم حلول تقنية مبتكرة في مجالات متعددة.

شراكات إستراتيجية وفرص تعاون:
وضمن فعاليات معرض سيريا هايتك، انعقد الملتقى الأردني السوري للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، بمشاركة أكثر من 80 شركة أردنية، بالإضافة إلى حضور مسؤولين أردنيين وسوريين، منهم الوزيران عبد السلام هيكل وسامي سميرات.
وقد أُكِّد خلال الملتقى أن التعاون التقني بين البلدين يمثل مسارًا طويلًا ومستدامًا، ويهدف إلى تبادل الخبرات، وتطوير البنية التحتية الرقمية، وتعزيز فرص الاستثمار المشترك في مجالات الحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، والدفع الإلكتروني، والذكاء الاصطناعي.
وشهد الملتقى توقيع عدد من عقود الشراكة في مجال التدريب وتمكين الكفاءات السورية، وفي مجال تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، ومن المقرر أن يبدأ تنفيذ هذه العقود على أرض الواقع مع ذكرى تحرير سوريَة في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر القادم.
كما سُلِّط الضوء على قدرة الكوادر السورية على الاستفادة من التجارب الأردنية في تطوير المشاريع الرقمية، وإدخال حلول مبتكرة تسهم في دفع عجلة التحول الرقمي داخل سوريَة.
وشهد الحدث جلسات حوارية موسّعة ركّزت على آليات دعم المشاريع المشتركة وتوسيع نطاق الاستثمارات التقنية بين البلدين، بما يعزز فرص النمو الاقتصادي ويؤسس لشراكات مستدامة في القطاع الرقمي.

أهمية المعرض في تعزيز التحول الرقمي:
جاءت النسخة الحادية عشرة من معرض سيريا هايتك لتعكس التوجّه المتسارع نحو تعزيز التحول الرقمي وإدماج التكنولوجيا في نسيج المجتمع السوري والاقتصاد الوطني.
وقد أظهر الحدث أهمية بناء شبكة علاقات قوية بين الشركات الناشئة، ومقدّمي الخدمات التقنية التقليدية، والمؤسسات الإقليمية، بما يتيح:
- عرض حلول رقمية وطنية مبتكرة تلبي الاحتياجات المحلية وتبرز قدرات الشباب السوري.
- تعزيز التعاون الإقليمي مع الأردن، ودعم الاستثمار في البنية التحتية الرقمية.
- إظهار أهمية التحوّل إلى البنية التحتية السحابية ركيزةً رئيسية للتحول الرقمي المستدام.
- تقديم نموذج تمويل تشاركي مستدام لدعم روّاد الأعمال الشباب.
- نشر الوعي باستخدام الذكاء الاصطناعي أداةً لتعزيز الكفاءة والإنتاجية دون استبدال العنصر البشري.
كما ساهم المعرض في توفير مساحة حوارية بين المؤسسات التقنية، مما أتاح تبادل الخبرات، واستكشاف المشاريع الريادية، ودعم الابتكار المحلي بما يصنع بيئة أعمال رقمية متكاملة وقادرة على النمو.
يشار إلى أن النسخة الحادية عشرة من معرض سيريا هايتك قد اىستقطبت نحو 225 شركة سورية وعربية وعالمية، مما عزّز مكانته كأكبر منصة تقنية سنوية في سوريَة تجمع الابتكار، وريادة الأعمال، والخبرات الإقليمية.
وقد نجح المعرض في تقديم صورة واضحة عن الإمكانات الرقمية المتاحة داخل البلاد، ودوره في تشجيع الشراكات الإقليمية، ودعم التحول الرقمي، وإيجاد فرص اقتصادية جديدة، بما يؤكد أن المستقبل الرقمي لسوريَة قائم على الابتكار المحلي والتعاون الإقليمي الفعّال.
