تشهد العاصمة الإماراتية أبوظبي تحولًا نوعيًا في قطاع النقل، مؤكدةً موقعها الريادي كمركز للتقنيات المبتكرة في منطقة الشرق الأوسط، إذ أطقلت شركة أوبر (Uber)، خدمة سيارات الأجرة الذاتية القيادة رسميًا في أبوظبي، لتصبح بذلك السوق الرابع عالميًا الذي يشهد هذه الخدمة من أوبر.

وقد جاء هذا الإطلاق بالتعاون مع شركة (WeRide) الصينية المتخصصة في مجال تكنولوجيا المركبات الذاتية القيادة، وذلك بعد ما يقرب من عام على إطلاق خدمة سيارات الأجرة الذاتية القيادة التجريبية، التي تضمنت سائقين احتياطيين لضمان السلامة.

ويمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو إدماج حلول التنقل الذكية في الحياة اليومية، ويضع أبوظبي في طليعة المدن العالمية التي تتبنى مفهوم المركبات الذاتية القيادة على نطاق واسع.

أبوظبي أول محطة للخدمة في الشرق الأوسط:

تتركز الخدمة الجديدة في البداية ضمن محيط جزيرة ياس، التي تبلغ مساحتها نحو 31 كيلومترًا مربعًا (12 ميلاً مربعًا)، ويمكن للركاب الذين يطلبون خدمات UberX أو Uber Comfort أن تُطابَق طلباتهم تلقائيًا مع سيارة أجرة روبوتية (robotaxi) في مواقع مختارة.

The future is arriving today!

In partnership with @WeRide_ai, we’ve launched the Middle East’s firstever fully driverless robotaxi commercial operations — starting today in Abu Dhabi. pic.twitter.com/X0VZiptzDL

— Uber (@Uber) November 26, 2025

وقد أكدت شركة (أوبر) في بيان صحفي تلقت (البوابة التقنية) نسخة منه، أنها  أتاحت خيارًا جديدًا للرحلات تحت مسمى القيادة الذاتية (Autonomous) في تطبيقها، بتكلفة تماثل تقريبًا تكلفة خدمة (Uber Comfort)، لزيادة فرص الركاب في تجربة هذه التقنية. كما توفر الشركة الدعم الفني للركاب أثناء الرحلة من خلال تطبيق أوبر وحاسوب لوحي مثبت داخل المركبة.

مراحل التشغيل الحالية:

  • القيادة الذاتية الكاملة: تتوفر حاليًا ضمن نطاق جزيرة ياس.
  • مع سائق سلامة: لا تزال الرحلات على الطرق السريعة، والرحلالات المنطلقة من مطار أبوظبي، والرحلات التي تشمل الجزر الأخرى، تُقدَّم مع وجود سائق لضمان السلامة على متن المركبة، وتغطي هذه المرحلة منطقة واسعة تبلغ نحو 78 كيلومترًا مربعًا (30 ميلاً مربعًا).

أهمية الخطوة والتطلعات المستقبلية:

يشكّل هذا الإطلاق تحولًا إستراتيجيًا مهمًا في مسار شركة أوبر العالمي، ويعكس التزامها العميق بتقنيات المركبات الذاتية القيادة. كما يمهّد الطريق أمام مرحلة جديدة من الابتكار في النقل الذكي، ويؤسس لجملة من التطورات المستقبلية، التي تشمل:

1 تعزيز ريادة المنطقة في النقل الذكي:

تضع أبوظبي نفسها اليوم ضمن عدد قليل من الأسواق العالمية التي تُقدَّم فيها خدمات سيارات الأجرة الذاتية القيادة بنحو تجاري. ويأتي هذا التطور امتدادًا للشراكة، التي بدأت في ديسمبر 2024 بين شركتي أوبر و(WeRide)، والتي انطلقت برحلات تجريبية مع سائقي سلامة.

وتخطط الشركتان لتوسيع نطاق تشغيل المركبات الذاتية القيادة داخل أبوظبي نفسها، بالإضافة إلى توسيع الشراكة لتشمل مدينة دبي قريبًا.

2 ترسيخ الإستراتيجية العالمية لأوبر:

لقد باعت شركة أوبر  قسم القيادة الذاتية لديها  في عام 2020، ومع ذلك، تعود الشركة اليوم بقوة إلى هذا القطاع عبر بناء منظومة شراكات واسعة تجعلها منصة عالمية لتسهيل التنقل، سواء عبر المركبات التي يقودها البشر أو المركبات الذاتية القيادة.

كما أبرمت الشركة أكثر من 20 شراكة، واستثمرت مئات الملايين من الدولارات في شركات تطوير القيادة الذاتية، وفي مقدمتها شركة (WeRide) الصينية، في خطوة تؤكد رؤيتها طويلة المدى تجاه مستقبل النقل المؤتمت.

3 توسع إقليمي ودولي متسارع:

يمثل إطلاق خدمة سيارات الأجرة الذاتية القيادة في أبوظبي جزءًا من اتفاقية كبرى أُبرمت بين شركتي أوبر و(WeRide) في مايو الماضي، تهدف إلى التوسع في 15 مدينة إضافية حول العالم خلال السنوات المقبلة خارج الولايات المتحدة والصين.

وضمن هذا المسار، أطلقت أوبر مؤخرًا خدمات تجريبية مع سائقي سلامة في الرياض، كخطوة أولى نحو إدخال (الروبوتاكسي) Robotaxi إلى المملكة العربية السعودية.

وعلى المستوى الدولي، توفر أوبر بالفعل في الولايات المتحدة، رحلات ذاتية القيادة بالتعاون مع شركة ع وايمو (Waymo)، التابعة لشركة ألفابت، في مدن مثل: فينيكس وأوستن وأتلانتا.

أبوظبي تعيد رسم خريطة النقل والاقتصاد:

لا تقتصر أهمية إطلاق خدمة سيارات الأجرة الذاتية القيادة في أبوظبي على الجانب التكنولوجي والخدمي فحسب، بل تمتد لتشمل تحولًا اقتصاديًا عميقًا يؤثر في تكلفة التشغيل، وتوفير فرص استثمارية جديدة، وتعزيز مرونة سوق العمل.

ويُعدّ نجاح تشغيل هذه الخدمة في أبوظبي مؤشرًا على قوة البيئة التنظيمية في الإمارة، وقدرتها على استيعاب التقنيات المتقدمة وتهيئة بيئة جاذبة للمستثمرين العالميين، فمن المتوقع أن تحفز هذه الخطوة المزيد من الشركات العالمية على تأسيس مراكز أبحاث وتطوير واختبار في أبوظبي، للاستفادة من البنية التحتية المتقدمة والدعم الحكومي، الذي يسهّل تبنّي الابتكارات في مراحلها المبكرة.

كما يمهّد هذا التوجه لظهور فرص وظيفية جديدة تتطلب مهارات عالية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وهندسة البرمجيات، وتقنيات سلامة المركبات، مما يعزز التحول التدريجي لاقتصاد الإمارة نحو اقتصاد معرفي يعتمد على التكنولوجيا المتقدمة والابتكار كركائز أساسية للنمو المستقبلي.

شاركها.