في السنوات الأخيرة، ارتفعت أصوات نسائية في عالمنا العربي، ومنها الكويت، أصوات تطالب بالحقوق، ترفع شعارات المساواة، وتؤكد ضرورة تمكين المرأة في كل الميادين.

نسمع خطابات مليئة بالحماسة عن الإنصاف، عن كسر القيود، وعن تحرير المرأة من كل أشكال الظلم الذي قد تتعرض له، وهذا من جوهر الإنسانية أصلا ولا يُستنكر. لكن، خلف هذه اللافتات البراقة، توجد صورة أخرى أقل إشراقًا لها، صورة تعكس حقيقة مُرّة: أحياناً تكون المرأة هي أول من يحارب المرأة، ليس الكل منهن بل البعض.

تجدينها تصرخ في المؤتمرات والمنصات الإعلامية مطالبة بتمثيل المرأة في كل مجال، لكنها في بيئة العمل قد تتحول خصماً لدوداً لزميلتها. بدلاً من أن تدعمها أو ترشدها، تبدأ في محاربتها، تضييق الخناق عليها، وربما تلفيق القصص أو نشر الشائعات، ليس لأنها أقل كفاءة، بل لأن الغيرة أو الحسد يحرّك الخيوط ولا يوجد مبرر آخر.

المفارقة المؤلمة أن الرجل الذي يُصوَّر في بعض الخطابات على أنه “الذئب” الذي يلتهم الحقوق قد يكون أحياناً هو المدافع عن المرأة ضد اعتداء امرأة أخرى عليها. رأيناه في مواقف لا تُحصى، رجل يقف ليصد هجوماً ظالماً من زميلة على زميلتها، أو يحاول الإصلاح حين تصل الخلافات إلى حد تهديد لقمة العيش.

إن هذه الازدواجية ليست مجرد سلوك فردي، بل هي جرح في روح الحركة النسوية نفسها. كيف يمكن أن ننادي بالمساواة بينما نهدم بعضنا بعضًا، كيف نقنع العالم أن المرأة تستحق مساحة أكبر، ونحن أول من يزاحمها ليخرجها من تلك المساحة؟ المطالبة بالحقوق ليست شعارات تُرفع، بل مسؤولية أخلاقية وسلوك عملي يومي.

إذا أردنا أن نثبت أننا نستحق التمكين، فعلينا أن نمكّن بعضنا أولا.

الدعم لا يعني التغاضي عن الأخطاء، لكنه يعني أن نصحّح بحب، نرشد بلا إهانة، ونمد اليد بدل أن ندفع الأخرى نحو السقوط. في نهاية الأمر، الحياة أقصر من أن نقضيها في الحسد وتصيد العثرات. ما يبقى في ميزاننا هو ما قدّمناه من خير، وما حملناه من ضمير نقي.

فلنرفع راية الدعم الحقيقي، لا الشعارات الفارغة، ولنكن سنداً لبعضنا، لأن معركة المرأة الحقيقية ليست ضد المرأة، بل ضد كل ما يسلب إنسانيتها وكرامتها.

البندري العجمي

أقرأ التالي

2025/08/24 1:15:03 مساءً

رقية إبراهيم الشيخ: الكويت.. حيث تتعانق الحكمة مع النور

2025/08/24 1:01:54 مساءً

نجوى كرم: أنا تلميذة في الفن لا معلمة!

2025/08/24 12:57:34 مساءً

بعد عودتهما من جديد.. رد رسمي من شيرين و حسام حبيب على المحامي ياسر قنطوش

2025/08/24 12:52:36 مساءً

الذهبية نوال الزغبي تطلق «يا مشاعر» في بيروت

شاركها.