أظهرت دراسة حديثة دورًا مذهلًا لمنطقة صغيرة فيالدماغتُدعى “البقعة الزرقاء”، تعمل كـ”زر فصل” بين الذكريات المتتالية؛ ما يساعد الدماغ على تنظيم الأحداث وتخزينها كذكريات منفصلة.
وأوضح الباحثون من جامعتيكاليفورنيافي لوس أنجلوس وكولومبيا أن “البقعة الزرقاء”، وهي مجموعة من الخلايا العصبية في جذع الدماغ المعروفة بدورها في اليقظة والانتباه، قد تلعب دورًا جديدًا كفاصل بين أجزاء التجارب المختلفة، كما تفصل الفصول أجزاء الكتاب.
ولاختبار هذه الفكرة، أجرى العلماء تجربة على 36 متطوعًا، حيث شاهد المشاركون سلسلة من الصور المحايدة أثناء أداء مهمة محددة.
وقبل كل صورة، كانوا يسمعون نغمة في الأذن اليمنى أو اليسرى لتحديد اليد التي يجب استخدامها في الإجابة عن سؤال حول حجم الشيء في الصورة.
واستخدمت هذه النغمات ليس فقط كإشارات، بل أيضًا لخلق شعور بالسياق؛ حيث شكّلت النغمات المتشابهة إحساسًا بالاستمرارية، بينما مثلت التغييرات في النغمة أو جهة السمع (يمين/يسار) “حدودًا للأحداث”.
وعند هذه اللحظات، كان الدماغ يميز نهاية ذكرى وبداية أخرى جديدة.
ووجد الباحثون أن نشاط “البقعة الزرقاء” يرتفع بشكل ملحوظ عند نقاط انتقال الأحداث، مثل: تغيّر النغمة أو الجهة، وأن هذه الزيادة في النشاط ترتبط بانخفاض قدرة الدماغ على تذكّر ترتيب مؤشرات التنبيه.
وهذا يشير إلى أن الدماغ لا يربط الانطباعات بسلاسة مستمرة، بل يقسمها إلى أجزاء منفصلة.
كما بين تحليل البيانات أن ذروات نشاط “البقعة الزرقاء” تؤثر مباشرة في منطقة الحُصين، المسؤولة عن تكوين الذكريات العرضية، حيث تعيد ضبط عمل جزء يسمى التلفيف المسنّن؛ ما يساعد على تمييز الأحداث المتشابهة وتشفيرها كذكريات منفصلة.
وكشفت الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من فرط نشاط مزمن في “البقعة الزرقاء” يظهرون حساسية أقل تجاه حدود الأحداث، بمعنى أن نظام الإنذار في دماغهم يعمل في حالة “قلق دائم”؛ ما يقلل قدرته على التمييز والاستجابة للتغيرات المهمة في البيئة.