كشفت دراسة بجامعة «كاليفورنيا» الأميركية أن ارتفاع درجات الحرارة، حتى بشكل طفيف، يمكن أن يُفسد إنتاجية فرق العمل بشكل ملحوظ، في حين لا يتأثر الأداء الفردي بالدرجة نفسها.
وأوضح الباحثون في الدراسة التي نشرت نتائجها، الجمعة، بدورية (The Review of Economics and Statistics) أن هذه النتائج تُبرز أهمية تكييف بيئات العمل مع التغيرات المناخية، خصوصاً في الدول النامية التي تفتقر إلى بنى تحتية فعالة للتحكم في المناخ.
وفي ظل الارتفاع العالمي في درجات الحرارة، تواجه بيئات العمل تحديات كبيرة في الحفاظ على الإنتاجية والكفاءة، لا سيما في المهام التي تتطلب التعاون والتنسيق بين الأفراد.
وأُجريت الدراسة بالعاصمة البنغلاديشية دكا، حيث طُلب من طلاب جامعيين في تخصص علوم الحاسوب تنفيذ مهام برمجية إما بشكل فردي وإما ضمن فرق ثنائية. وتم توزيع المشاركين على غرف بدرجتي حرارة مختلفتين: 24 درجة مئوية تمثل أجواء معتدلة، و29 درجة مئوية تمثل أجواء أكثر حرارة.
وأظهرت النتائج أن أداء الأفراد لم يتغير بشكل يُذكر بين الحالتين، بينما سجلت الفرق العاملة في الأجواء الحارة تراجعاً واضحاً بمستوى الإنتاجية، مقارنة بنظيراتها التي عملت في أجواء معتدلة.
وشمل التراجع في الأداء الجماعي عناصر عدة، منها ضعف القدرة على التعاون واتخاذ القرار، بالإضافة لانخفاض احتمالية إدخال تحسينات أو ميزات جديدة على الشيفرة البرمجية.
وفي درجات الحرارة المرتفعة، عبّر المشاركون عن رضا أقل تجاه شركائهم في الفريق، ورغبة أكبر في تغييرهم في المهام المستقبلية، فضلاً عن شعورهم بالانزعاج وصعوبة التواصل الفعّال.
ويرى الباحثون أن السبب في ذلك يعود إلى أن الحرارة تؤثر سلباً على التفاعل والتواصل بين أعضاء الفريق؛ إذ يصبح الأفراد أكثر انزعاجاً وتوتراً، مما يقلل من استعدادهم للعمل التعاوني، وهو عنصر أساسي للإبداع والابتكار.
فيما تفوقت الفرق التي عملت في درجة حرارة معتدلة على الأفراد، وكانت احتمالية إضافة ميزات جديدة للبرمجيات لديهم مضاعفة مقارنة بالأداء الفردي.
وأوضح الفريق أن هذه النتائج تكتسب أهمية خاصة في دول مثل بنغلاديش، التي تشهد نمواً اقتصادياً متسارعاً، بينما تفتقر في الوقت ذاته لتجهيزات فعالة لضبط المناخ داخل أماكن العمل. ومع التوسع في الصناعات المعتمدة على المعرفة بمثل هذه الدول، يصبح فهم تأثير العوامل البيئية على ديناميكيات الفرق أمراً حيوياً.
وأكد الباحثون أن المؤسسات يجب أن تأخذ الظروف البيئية بعين الاعتبار عند تنظيم الأعمال الجماعية، مشيرين إلى أن الاستثمار في تهيئة بيئات عمل مريحة مناخياً قد يؤدي لتحسينات كبيرة في الإنتاجية.
ونوه الفريق بأن لهذه النتائج انعكاسات مهمة على الاقتصادات الحديثة، حيث بات العمل الجماعي يشكل الأساس في أغلب الوظائف. ففي 2017 أفاد نحو 78 في المائة من العاملين بالولايات المتحدة بأن أداء مهامهم يتطلب العمل ضمن فرق بشكل «كبير».